صراحة نيوز-مع اقتراب فصل الشتاء في المملكة الأردنية الهاشمية، تتجه الأنظار دومًا نحو العاصمة عمان، التي اعتادت أن تشهد بين الحين والآخر تساقطًا للثلوج يبهج السكان ويغمر المدينة بلونها الأبيض الساحر.
يتحمّس البعض لرؤية الثلج كظاهرة جميلة ومنعشة، بينما يخشى آخرون تأثيره على حركة المرور والحياة اليومية، وبين هذه التوقعات المتضاربة، نستعرض في هذا المقال تحليلاً شاملاً لتوقعات الأرصاد الجوية لعام 2025 – 2026، والعوامل التي قد تؤدي إلى تساقط الثلوج، مع لمحة عن أشهر الحالات التاريخية التي شهدتها العاصمة عمان.
مناخ عمان وعلاقته بتساقط الثلوج
• تُعتبر عمان مدينة ذات طبيعة مناخية فريدة، إذ تجمع بين المناخ الجبلي والمناخ المتوسطي.
• تقع المدينة على ارتفاع يتراوح بين 700 و1050 مترًا فوق سطح البحر، وهو ما يجعل درجات حرارتها في فصل الشتاء أقل من معظم مدن المملكة الأخرى.
• عادة ما تنخفض درجات الحرارة في شهري يناير وفبراير إلى ما دون 4 درجات مئوية في بعض الليالي، ما يهيئ الظروف المناسبة لتساقط الثلج إذا ترافق ذلك مع منخفض جوي بارد ورطب قادم من أوروبا أو تركيا.
• تاريخيًا، شهدت عمان تساقطات ثلجية بارزة في أعوام 1992 و2013 و2022، حيث غطت الثلوج أجزاء واسعة من المدينة، مما جعلها حديث وسائل الإعلام المحلية والعربية.
• لكن هذا لا يحدث كل عام، فالتساقط الثلجي في عمان مرتبط بعدة عوامل جوية معقدة تتفاعل في وقت واحد، وهو ما يجعل التنبؤ به بدقة أمرًا صعبًا نسبيًا.
العوامل المؤثرة في تساقط الثلوج
تساقط الثلوج لا يعتمد فقط على برودة الطقس، بل يتطلب توفر مجموعة من الظروف الجوية مجتمعة:
• كتلة هوائية باردة قادمة من الشمال أو الغرب: عادة من البحر الأسود أو شرق أوروبا، وهي التي تخفض درجات الحرارة إلى ما دون الصفر.
• رطوبة كافية في طبقات الجو: لأن البرودة وحدها لا تكفي؛ فلا بد من وجود غيوم رطبة قادرة على تكوين بلورات ثلجية.
• انخفاض درجات الحرارة السطحية: إلى أقل من درجتين مئويتين.
• الارتفاع الجغرافي: فكلما ارتفع الموقع عن سطح البحر، زادت فرص تساقط الثلج. لذلك تشهد مناطق صويلح والجبيهة وخلدا تساقطًا أكثر من وسط العاصمة.
توقعات الأرصاد الجوية الأردنية للشتاء 2025 – 2026
بحسب تقارير دائرة الأرصاد الجوية الأردنية ومواقع الطقس الإقليمية مثل ArabiaWeather وWisemeteo، فإن التوقعات الأولية لموسم شتاء 2025 – 2026 تشير إلى ما يلي:
• شتاء بارد عمومًا، مع درجات حرارة أقل من المعدل السنوي في بعض الفترات.
• عجز نسبي في كميات الهطول المطري مقارنة بالمواسم السابقة، أي أن كمية الأمطار قد تكون أقل قليلًا من المعتاد.
• احتمالية تساقط الثلوج قائمة، خصوصًا في المرتفعات الجبلية مثل غرب عمان، السلط، وعجلون، وذلك خلال شهري يناير وفبراير.
• أما في وسط العاصمة والمناطق المنخفضة، فقد تقتصر الحالة على زخّات ثلجية محدودة أو أمطار ممزوجة بالبرد دون تراكمات كبيرة.
• تشير النماذج المناخية إلى أن الاحتمال الأكبر لتساقط الثلوج سيكون بين منتصف يناير ومنتصف فبراير 2026، وهي الفترة التي تتكاثف فيها عادة المنخفضات القطبية القادمة من الشمال.
ماذا تقول النماذج العالمية؟
وفقًا لتقارير مواقع الطقس العالمية مثل AccuWeather و Timeanddate، فإن:
• فرص تساقط الثلوج في عمان تبقى بين 10% إلى 20% خلال موسم الشتاء.
• من المتوقع أن تتأثر المنطقة هذا العام بعدة منخفضات جوية باردة قصيرة المدى، قد تحمل زخات ثلجية على المرتفعات، لكنها لن تؤدي إلى عواصف ثلجية واسعة النطاق كما حدث في أعوام سابقة.
• درجات الحرارة العظمى خلال ديسمبر ويناير ستتراوح بين 8 – 13 درجة مئوية نهارًا، وتهبط ليلاً إلى حدود الصفر أو دونه في بعض المناطق الجبلية.
الثلوج في الذاكرة الأردنية
من أبرز العواصف الثلجية التي ما زالت محفورة في ذاكرة الأردنيين:
• عاصفة عام 1992: التي غطت العاصمة عمان بطبقة تجاوزت 50 سم من الثلوج، وتسببت في توقف المدارس والدوائر الحكومية لعدة أيام.
• عاصفة “اليكسا” عام 2013: وهي الأشهر في العقدين الأخيرين، حيث امتدت الثلوج إلى معظم محافظات المملكة.
• عاصفة 2022: التي جاءت بعد سنوات من الغياب النسبي للثلوج الكثيفة، وجعلت عمان تبدو كمدينة أوروبية مغطاة بالبياض.
هذه الحالات الاستثنائية تذكر الأردنيين دائمًا بأن الثلج قد يفاجئهم في أي عام، حتى لو كانت التوقعات الأولية لا تشير إلى ذلك.
احتمالية تساقط الثلوج هذا العام
بالنظر إلى جميع المعطيات الحالية، يمكن القول إن:
• الاحتمال قائم ولكنه محدود في العاصمة عمان.
• المناطق المرتفعة مثل صويلح والجبيهة ومرج الحمام قد تشهد زخات ثلجية خفيفة إلى متوسطة في حال وصول منخفض بارد قوي.
• أما وسط عمان والمناطق الشرقية، فمن المرجح أن تقتصر الظواهر الجوية على الأمطار الغزيرة أو البرد دون تراكم ثلجي ملحوظ.
• بمعنى آخر، من الممكن أن نشهد تساقطًا رمزيًا للثلوج هذا الشتاء، لكنه لن يكون واسع النطاق أو طويل الأمد ما لم تتغير المؤشرات في النصف الثاني من الموسم.
نصائح للاستعداد لفصل الشتاء
حتى مع احتمال محدود لتساقط الثلوج، يُنصح السكان في عمان بالاستعداد الجيد لفصل الشتاء:
• فحص التدفئة والمداخن قبل بدء البرد الشديد.
• الاحتفاظ بمخزون من الوقود أو الغاز لتفادي الانقطاعات المفاجئة.
• تجنّب القيادة خلال تساقط الثلج أو تشكل الجليد خصوصًا في المناطق المرتفعة.
• متابعة نشرات الأرصاد الجوية بشكل دوري، لأن التغيرات الجوية قد تكون سريعة ومفاجئة.
• الاحتفاظ بوسائل إضاءة بديلة تحسبًا لانقطاع الكهرباء خلال المنخفضات القوية.
هل تغير المناخ يؤثر على تساقط الثلوج؟
• تشير دراسات مناخية حديثة إلى أن التغير المناخي العالمي أدى إلى تغيرات واضحة في أنماط الطقس في الأردن والمنطقة العربية
• فبينما تزداد بعض المناطق رطوبة أو حرارة، تشهد مناطق أخرى تراجعًا في عدد أيام الهطول الثلجي.
• في الأردن، أدى ذلك إلى أن تصبح فترات تساقط الثلوج أقل تكرارًا، لكن في المقابل، أكثر قوة عند حدوثها بسبب التذبذب المناخي الحاد.
إذن، هل ستتساقط الثلوج هذا العام في عمان؟
• الإجابة الأقرب إلى الواقع هي: نعم، ولكن بشكل محدود وعلى فترات قصيرة، خاصة في المرتفعات الغربية من العاصمة وفي شهري يناير وفبراير.
• أما تساقط الثلوج الكثيف الذي يغلق الطرق ويغطي المدينة بالكامل، فاحتماله ضعيف بحسب التوقعات الأولية للأرصاد الجوية لعام 2025 – 2026.
ومع ذلك، تبقى الأجواء الشتوية في عمان جميلة ومميزة حتى دون الثلوج، بطقسها البارد ونسماتها الجبلية وأجواء الدفء في المنازل.
فالثلج قد لا يكون دائم الحضور، لكنه دائم الانتظار — وربما يفاجئنا في أي ليلة باردة، ليعيد إلى العاصمة بريقها الأبيض من جديد.


 
		 
		 
		 
		 
		 
		 
		 
		 
		 
		 
		 
		