الأردنيون في قطر.. أيادٍ تبني ومستقبلٌ يُكتب

3 د للقراءة
3 د للقراءة
الأردنيون في قطر.. أيادٍ تبني ومستقبلٌ يُكتب

صراحة نيوز- بقلم: المهندس مدحت الخطيب

لا زلت أردد في حِلّي وترحالي أن الأردن، بأبنائه، كان وما زال كتاباً مفتوحاً خطّت حروفه بالنجاح والبناء والإنجاز. فالعقل الأردني، والمواطن الأردني، كالعسل المصفّى فيه شفاء لكل سقيم ومحتاج؛ أينما حلّ وجد له موطناً بين القمم، وحيثما وُضع ترك أثراً لا يُمحى

أقول وبصدق القلم ومحبة الوطن ومن خلال زيارتي إلى دولة قطر، الدولة التي تحوّلت خلال عقدين فقط إلى نموذج يُدرّس في الإدارة والتخطيط والتنفيذ، فارتفعت فيها ناطحات السحاب كما ترتفع الهمم، وتطورت مؤسساتها كما تتطور الأحلام حين تجد من يحتضنها.

أن ما شدّ انتباهي هناك لم يكن الحجر ولا الزجاج، بل البشر… بل قصص النجاح لابناء وطني،أردنيون في كل زاوية، في كل مشروع، في كل إنجاز. عقول هندسية، إدارية، طبية، تربوية… من الخطوط الجوية القطرية إلى المدارس والمستشفيات والجامعات والأبراج والشوارع، كلها تحمل بصمة الأردني الكفؤ الذي يُطلب ولا يَطلب، ويُعتمد عليه ولا يعتمد إلا على الله

سألت نفسي سؤالاً ظلّ يطعنني بهدوء وأنا اتجول في شوارع الدوحة ليل نهار :
أين نحن من كل هذا؟
أين الوطن من أبنائه الذين يبنون أوطان الآخرين؟
أين الدولة من طاقاتها التي تهاجر فلا يُسأل عنها إلا حين تحتاجها دولة شقيقة؟

لقد كان الأردن، وما زال، مصنع الرجال ومصدر الكفاءات، لكنه للأسف صار مستودع للبطالة وساحة الانتظار الطويل في الوصول إلى عمل،
سألت نفسي لماذا المخلصون يُهمَّشون، والمنتجون يُستبعَدون، والمناصب تُوزَّع كما تُوزَّع الغنائم بعد معركة خاسرة..

إن الوطن الذي لم يشهد علينا بزور، يستحق أن نقف معه لا أن نقف عليه، يستحق أن نعيد له صوته العالي وهيبته التي حاولت الكثير من الحكومات المتعاقبة أن تهمس بها حتى خفتت وضعف وهجها..
نحن الذين بنينا، وأبدعنا، ورفعنا اسم وطننا في السماء، ألا نستحق أن يُبنى لنا وطن كما نحب على الأرض التي لا نعشق سواها؟

آن الأوان أن ندرك أن النهضة لا تأتي بالتصريحات، بل بالرجال، وأن الشعوب التي تُهاجر عقولها لا تُهاجر إلا حين تُغلق الأبواب أمامها…

الأردني لا يريد من أحد صدقة، بل فرصة يرفع بها شأنه ويعلي بها وطنه.
الأردني اليوم لا يريد شعارات، بل إدارة تؤمن به.
فمن بنى لغيره قادر أن يبني لوطنه، فقط إن وُضع في مكانه الصحيح وتخلصنا من الواسطة والمحسوبية والشللية..

في الختام أقول ومهما تعب المشوار وطال،سيبقى الأردن فينا ما بقي النبض، وسنبقى نهتف — لا احتجاجاً، بل حباً —
كفى غياباً للعقل الأردني عن وطنه، وكفى غياباً للوطن عن أبنائه…

حمى الله الأردن الطهور وقيادته وشعبه وسائر بلاد العرب والمسلمين، وسخر له من يقوده إلى بر الأمان،فهذا الوطن، باب العز الذي لم يُخلق إلا ليعلو فوق كل الأزمان، شامخًا كالجبل في سماء المجد، صامدًا كما الصخر أمام رياح الزمن، وباقٍ كالنجم في سماء الذاكرة، لا تمحوه العواصف ولا يطويه النسيان
م مدحت الخطيب

Share This Article