صراحة نيوز – عدي أبو مرخية
تقدّم 65 موظفًا من وزارة الاقتصاد الرقمي والريادة بشكوى عبر صراحة نيوز، عبّروا فيها عن قلقهم واستيائهم من قرار إداري مفاجئ يقضي بنقلهم إلى وزارتي الشباب والثقافة، بعد أكثر من عشرين عامًا من العمل ضمن مبادرة محطات المعرفة، التي انطلقت عام 2001 كمبادرة ملكية سامية لتعزيز التحول الرقمي في الأردن.
وقال الموظفون إنهم يشغلون مسمى “مدرب محطات معرفة”، وهو مسمى غير موجود في هيكل الوزارتين الجديدتين، مما يعني ضياع مكتسباتهم الوظيفية والمادية التي اكتسبوها على مدار عقدين، إضافة إلى فقدانهم امتيازاتهم واستقرارهم الاجتماعي.
وأوضح أحد المدربين لـصراحة نيوز:
“ما فيها المسمى الوظيفي هذا كمدرب، وبالتالي راح يكون في خسارة مادية وخسارة بالخبرة اللي اكتسبناها على مدار 20 سنة وأكثر، بالإضافة لخسارة اجتماعية وتبعات سلبية على تطورنا الوظيفي. القرار غريب ومفاجئ وغير مبرر، خاصة أننا مدربون متخصصون في تكنولوجيا المعلومات، من ذكاء اصطناعي، روبوتيكس، إنترنت الأشياء، والتخزين السحابي، وهي المجالات المطلوبة لمستقبل التحول الرقمي في الأردن.”
وأضاف أن الكوادر لم يُطرح عليها أي برنامج تأهيلي أو تطويري لمواكبة التكنولوجيا الحديثة، مؤكدًا أن تخصصاتهم أصلًا في قلب المجال التكنولوجي. وتابع قائلًا:
“الظاهر أن سبب النقل هو مطالبتنا بحقوقنا المالية والمكافآت التي حُرمنا منها رغم أحقيتنا بها قانونيًا، وحين راجعنا المسؤولين في الوزارة طالبين المساواة مع زملائنا، كان الرد بالرفض المتكرر.”
قرار مفاجئ دون مبررات واضحة
وأشار الموظفون إلى أن القرار الإداري صدر دون مبررات فنية واضحة، وتم تبليغهم به عبر البريد الإلكتروني ورسائل نصية بتاريخ 27 تشرين الأول 2025، مع منحهم مهلة لا تتجاوز أربعة أيام فقط لإنهاء أعمالهم وتقديم براءة الذمة قبل تاريخ الانفكاك في 2 تشرين الثاني 2025، دون صدور كتب رسمية أو توضيحات رسمية بشأن أسباب القرار.
وجاء في أحد الكتب الرسمية الموجهة لأحد الموظفين:
“إشارة إلى الكتاب رقم 9687/1/32 تاريخ 2025/10/23 والمتضمن قرار إلحاقكم لوزارة الشباب لحين النقل على جدول تشكيلات الوظائف لعام 2025، ولاحقاً للبريد الإلكتروني المرسل بتاريخ 2025/10/27 والمتضمن البدء بإجراء براءة الذمة، حيث سيكون الانفكاك عن العمل بتاريخ 2025/11/2.”
نقل يهدد مبادرة ملكية وطنية
وأكد الموظفون في استدعاء رفعوه إلى دولة رئيس الوزراء أن القرار يشكل مساسًا بمبادرة ملكية وطنية رائدة ساهمت في تدريب أكثر من مليوني مواطن في مختلف المحافظات، وتقديم الخدمات الحكومية الإلكترونية والدورات المجانية للمجتمع المحلي، مؤكدين أن نقل المدربين فعليًا سيؤدي إلى إغلاق محطات المعرفة وحرمان المواطنين من خدماتها.
وجاء في نص الشكوى:
“إن محطات المعرفة – التي انطلقت كمبادرة ملكية سامية عام 2001، وامتدت اليوم ضمن استراتيجية محطات المستقبل – تعد من أهم أدوات التحول الرقمي في المملكة، وقد رُصد لتطويرها 3 ملايين دينار. لكن قرار النقل سيشلّ عملها تمامًا، ويحرم آلاف المواطنين في المناطق النائية من خدماتها التدريبية والإلكترونية.”
توزيع إداري غير منطقي
وأوضح الموظفون أن نقل 40 مدربًا إلى وزارة الثقافة – وهي جهة غير تدريبية أو تقنية – يفتقر إلى الأسس الإدارية السليمة، مشيرين إلى أن بعض مديريات الثقافة سيصبح فيها عدد المدربين المنقولين أكبر من عدد موظفيها الأساسيين.
في حين يمكن – وفق رأيهم – الاستفادة جزئيًا من خبرات نحو 25 مدربًا ضمن وزارة الشباب بشرط مراعاة رغباتهم ومواقع سكنهم.
أضرار اجتماعية ونفسية واسعة
وبيّن المدربون أن النقل المفاجئ ألحق بهم أضرارًا اجتماعية كبيرة، إذ جرى نقل بعضهم إلى محافظات تبعد أكثر من 100 كيلومتر عن أماكن سكنهم، مما يشكل إجحافًا بحق الأمهات العاملات ويؤثر على استقرار أسرهم، إضافة إلى حالة الإرباك الإداري التي أصابت محطات المعرفة جراء النقل الجماعي المفاجئ.
تناقض في المبررات وغياب للشفافية
ولفتوا إلى أن الوزارة برّرت النقل بوجود “فائض في الكوادر”، في حين ما زالت تجري تعيينات جديدة لموظفين بنفس المؤهلات، معتبرين أن ذلك يتنافى مع مبادئ العدالة والشفافية، خاصة وأن جميع المدربين ما زالوا يعملون في محطات فعالة ومفتوحة تقدم خدماتها للمجتمع المحلي.
وأضافوا أن طريقة التبليغ عبر البريد الإلكتروني دون كتب رسمية تخالف مبدأ النزاهة في الإجراءات الإدارية.
تجارب سابقة لم تنجح
واستذكر الموظفون تجربة عام 2020 عندما تم تحويل 40 محطة معرفة إلى حاضنات أعمال، إلا أن المشروع لم ينجح رغم الكلفة المالية العالية، وأُعيدت لاحقًا كمحطات معرفة، محذرين من تكرار التجربة نفسها بنتائج وخسائر مشابهة.
إقصاء للكفاءات التقنية
وأشاروا إلى أن القرار شمل نقل مدربات يمتلكن شهادات دولية في الذكاء الاصطناعي والحوسبة السحابية، ويقدمن دورات تدريبية متقدمة على مستوى المملكة، مستغربين من استبعاد مثل هذه الكفاءات في وقت تتحدث فيه الدولة عن “محطات المستقبل” والتحول الرقمي.
مطالب وحلول مقترحة
وطالب الموظفون في ختام استدعائهم بإعادة تقييم القرار الإداري بما يحقق العدالة ويحافظ على الكفاءات الوطنية، مؤكدين ضرورة استمرار محطات المعرفة الحالية بالتوازي مع تجهيز محطات المستقبل لضمان عدم انقطاع الخدمات.
كما اقترحوا – في حال الإصرار على النقل – أن يتم نقل الكوادر المؤهلة إلى مراكز الخدمات الحكومية أو المشاريع التقنية داخل الوزارة بدلًا من نقلهم إلى وزارات لا علاقة لها بمجالهم.
مناشدة إلى جلالة الملك
وفي ختام حديثهم، رفع المدربون مناشدة إلى جلالة الملك عبدالله الثاني ابن الحسين المعظم، راعي المبادرات الملكية، طالبين توجيهاته السامية للحفاظ على استمرارية محطات المعرفة ضمن الإطار الذي تأسست فيه.
وقالوا:
“نحن نمثل أكثر من خمسةٍ وستين موظفًا نخدم في هذه المحطات المنتشرة في محافظات المملكة كافة، نعمل بإخلاص وانتماء، ونفخر بأننا جزء من مشروع ملكي ريادي ساهم في بناء الإنسان الأردني رقميًا ومعرفيًا. غايتنا أن يستمر هذا العطاء بما يليق برؤية جلالته لمستقبل الأردن.”

			