صراحة نيوز- بقلم / الدكتور أيمن أبو هنية .
يمتلك جلالة الملك عبدالله الثاني بن الحسين رؤية استشرافية عميقة تستبق التحديات وتستشرف المستقبل في عالم سريع التغير تقوده التكنولوجيا والمعرفة فقد أدرك جلالته منذ وقت مبكر أن التطور التكنولوجي لم يعد خيارًا بل هو ضرورة وطنية لضمان التقدم والازدهار، وجعل من التحول الرقمي ركيزة أساسية لبناء اقتصاد وطني قائم على الإبداع والابتكار.
ومن هذا المنطلق جاء إيعاز جلالته بإنشاء المجلس الوطني لتكنولوجيا المستقبل خطوة استراتيجية تهدف إلى توحيد الجهود الوطنية في مجال التكنولوجيا الحديثة وتنظيمها ضمن إطار مؤسسي شامل هذا المجلس يمثل منصة وطنية عليا لتحديد السياسات العامة المتعلقة بالذكاء الاصطناعي والتقنيات المتقدمة بما يضمن انسجامها مع متطلبات التنمية الوطنية واحتياجات المؤسسات العامة والخاصة.
لقد أكد جلالته على أهمية إدخال الذكاء الاصطناعي في مختلف القطاعات والمؤسسات الأردنية بدءًا من التعليم والصحة ووصولًا إلى النقل والخدمات الحكومية بهدف رفع كفاءة الأداء وتعزيز جودة الخدمات المقدمة للمواطنين فهذه التكنولوجيا تمثل أداة حيوية لتطوير العمل المؤسسي وبناء بيئة رقمية حديثة قادرة على المنافسة إقليميًا ودوليًا.
وفي ظل هذا التحول الرقمي السريع تبرز الحاجة إلى وجود إطار تشريعي متين ينظم عمل الذكاء الاصطناعي ويضمن استخدامه بطريقة أخلاقية ومسؤولة إذ لا بد من سن قوانين وتشريعات واضحة تراعي خصوصية الأفراد وتحمي بياناتهم وتوازن بين دعم الابتكار والمحافظة على القيم الإنسانية والحقوق الرقمية وهذا ما تسعى إليه السلطة التشريعية في الأردن تماشيًا مع التوجهات الملكية الرامية إلى ترسيخ دولة القانون والتطور العلمي.
إن التكيف مع التكنولوجيا الحديثة بات ضرورة وطنية لا يمكن تجاهلها فالتكنولوجيا ليست تهديدًا بل فرصة حقيقية للنمو الاقتصادي وخلق فرص عمل جديدة في مجالات البرمجة وتحليل البيانات والأمن السيبراني والتقنيات الذكية ومن هنا تأتي أهمية الاستثمار في العنصر البشري من خلال تطوير المناهج التعليمية وتأهيل الشباب لامتلاك مهارات المستقبل التي تتناسب مع متطلبات سوق العمل العالمي.
وقد شهد الأردن في السنوات الأخيرة انعقاد العديد من المؤتمرات والمنتديات المتخصصة في الذكاء الاصطناعي والتقنيات الحديثة مما يعكس التزام الدولة بنشر الوعي الرقمي وتعزيز ثقافة الابتكار هذه اللقاءات الوطنية والدولية تمثل جسور تواصل بين الخبراء والمبدعين وصناع القرار وتفتح آفاقًا جديدة أمام التعاون بين القطاعين العام والخاص.
إن رؤية جلالة الملك عبدالله الثاني بن الحسين في هذا المجال لا تقف عند حدود التخطيط بل تمتد إلى التنفيذ الواقعي والممنهج الذي يضع الأردن في موقع متقدم بين الدول الساعية إلى استثمار الذكاء الاصطناعي في خدمة الإنسان والتنمية وإن إنشاء المجلس الوطني لتكنولوجيا المستقبل يمثل بداية مرحلة جديدة من العمل المؤسسي الهادف إلى بناء أردن رقمي متطور يستمد قوته من علم أبنائه وإبداعهم.
بهذه الرؤية الملكية الواعية نمضي نحو المستقبل بخطى واثقة واضعين نصب أعيننا أن الاستثمار في التكنولوجيا هو استثمار في الإنسان وفي مستقبل الوطن فالأردن بقيادة جلالة الملك عبدالله الثاني ماضٍ في مسيرته نحو التحول الرقمي الشامل ليبقى وطنًا سبّاقًا في العلم والمعرفة ومركزًا إقليميًا للتكنولوجيا والإبداع في المنطقة.
النائب
الدكتور أيمن أبو هنية

