صراحة نيوز- بقلم: ماجد أبورمان
كثر الحديث عن “الهجمة” التي وُصفت بأنّها موجّهة ضدّك، وكأنّك الضحية الوحيدة في حكايةٍ تفيض بالمبالغات أكثر مما تفيض بالمنطق.
والحقّ أن ما يُقال لا يعدو كونه ضجيجًا على هامش الحماسة التي رافقت مبادراتك وتصريحاتك الأخيرة للحدّ من الجاهات والأفراح والمآتم.ومايتعلق بفرص العمل للشباب ثم الهجره ثم الطلب من الاعلام في احدى المحاضرات إبعاد المايكروفونات وحسب خبر نشرته جفرا نيوز إلا أخره من هذه الحماسه السياسيه ‘
لكن ما حدث يا معالي الوزير، هو أنّ الواقع ردّ بطريقته الخاصة:
فالجاهات تضخّمت بدل أن تُختصر، والأفراح تمدّدت كالأحلام المؤجلة، والمآتم صارت أربعة أيّام كاملة… كأنّ الناس أرادت أن تقول لك: نحن لا نُصلح بالعقوبات الاجتماعية ما أفسدته الثقافة العامة.
معالي الوزير المقدر
لا أحد يستهدفك، ولا أحد يتربّص بك، فالاستهداف ترفٌّ لا يملكه أحد في بلدٍ أنهكته البيانات والتصريحات.
لكن من الطبيعي أن تُصاب بكثرة النقد حين تتحوّل من وزيرٍ للداخلية إلى وزيرٍ ثلاثيّ الوظيفة: 3in1 — يومٌ في الأمن، ويومٌ في الاقتصاد، وثالثٌ في العلاقات العامة!
فكثرة المبادرات والتصريحات لا تصنع إنجازًا، كما أن كثرة الظهور لا تصنع زعامة.
معالي الوزير المقدر
ولعلك توافقني وهو مثل تستخدمه السلط كما توافقها فيه الرأي الكرك أنّ “كثير النُط ما جاب لأمه نفيلة”، وأنّ كثرة الكلام تُفقد القول وزنه، والموقف هيبته.
إنّ بعض الحماسة السياسية تُشبه الرغوة: تملأ الكوب ولا تروي العطش.
وأنا — رغم اختلافي معك في بعض ما قلت — لا أرى فيك وزير صدفة كما قالوا يومًا، بل رجلًا اجتهد حتى بالغ في الاجتهاد، فسقط في فخّ المبالغة لا في فخّ النية.
أما أولئك الذين يصوّرون كل نقدٍ على أنه حملة، فهم من يسيئون إليك لا من يدافعون عنك، لأنهم يحوّلون كل جدلٍ إلى بطولة، وكل خطأٍ إلى مؤامرة.
ولو كان النقد استهدافًا، لما بقي في البلد مسؤولٌ لم يُستهدف.
معالي الوزير المقدر
إنّني — من باب الإنصاف لا المزايدة — دافعت عنك يوم وُصفت بأنك “وزير الصدفة”، لأنّ الإنصاف لا يُقاس بالألقاب بل بالفعل.
واليوم أكتب إليك لأقول إنّ الحماسة الزائدة قد تُربك الخطى، وإنّ اتساع المبادرات لا يغني عن عمق الفعل.
ابقَ في ميدانك، فهو يكفيك ويُجيدك.
فالوزارات ليست حقول تجارب، والسياسة لا تحتاج إلى بطلٍ من كل صنف، بل إلى وزيرٍ يعرف متى يتكلّم ومتى يكتفي بالصمت…
ففي زمنٍ يتحدّث فيه الجميع، يصبح الصمت أرفع أشكال البلاغة، وأصدقُ مظاهر القوة
#ماجدـابورمان

