صراحة نيوز-في حين يواصل الرئيس الأمريكي دونالد ترامب التأكيد على أن الضربات الأمريكية في يونيو(حزيران) الماضي “قضت” على البرنامج النووي الإيراني لتخصيب اليورانيوم، أصبح المسؤولون والمحللون الإقليميون أكثر تشككاً في صحة هذا الادعاء خلال الأشهر الأخيرة، محذرين من أن اندلاع حرب جديدة بين إسرائيل وإيران قد يكون مسألة وقت لا أكثر.
وذكرت صحيفة “نيويورك تايمز” أن إيران تواصل تطوير موقع تخصيب جديد يعرف باسم “جبل الفأس”، وقد رفضت السماح للمفتشين الدوليين بالوصول إليه أو إلى أي مواقع نووية مشتبه بها أخرى غير المعلنة سابقاً.
وأوضحت الصحيفة أن غياب المفاوضات يمثل مأزقاً خطيراً، ويعتقد العديد من الخبراء أن هذا يجعل هجوماً إسرائيلياً جديداً على إيران شبه حتمي، خصوصاً مع قناعة المسؤولين الإسرائيليين الراسخة بأن البرنامج النووي الإيراني يشكل تهديداً وجودياً.
ويشير علي فايز، مدير مشروع إيران في مجموعة الأزمات الدولية، إلى أن إيران من المرجح أن ترد على أي هجوم إسرائيلي جديد بشكل أكثر حدة مما فعلت في يونيو (حزيران) الماضي.
وقال إن المسؤولين الإيرانيين أبلغوه بأن مصانع الصواريخ تعمل على مدار الساعة، وإذا اندلعت حرب جديدة، فإن “إيران تأمل في إطلاق 2000 صاروخ دفعة واحدة لتدمير الدفاعات الإسرائيلية، بدلاً من 500 صاروخ على مدار 12 يوماً كما حدث في يونيو”.
وأضاف فايز “لا يوجد دليل على هجوم وشيك الآن، لكن إسرائيل ترى أن مهمتها لم تنتهِ، ولا ترى سبباً لتجنب الجولة التالية من الصراع، وهو ما يدفع إيران لتعزيز استعداداتها للجولة المقبلة”.
وأضاف فايز أن البعض يرغب في مواصلة السعي للتوصل إلى اتفاق نووي جديد مع الولايات المتحدة، معتقدين أن هذا سيكون أفضل لإيران في ظل مواجهة سكان البلاد، البالغ عددهم حوالي 92 مليون نسمة، لتضخم هائل ونقص حاد في المياه.
توجهات مختلفة
وأشار فايز إلى وجود توجهات مختلفة داخل إيران، حيث يسعى بعض المسؤولين إلى التفاوض من أجل اتفاق نووي جديد مع الولايات المتحدة، باعتباره الخيار الأفضل في ظل مواجهة حوالي 92 مليون إيراني تضخماً هائلاً ونقصاً حاداً في المياه. بينما يفضل آخرون مواجهة مباشرة، معتبرين أن التفاوض مع ترامب، الذي انسحب من الاتفاق النووي لعام 2015، غير مجدٍ.
وبغض النظر عن الخلافات، يتفق كبار المسؤولين الإيرانيين على أمر واحد: أن جولة جديدة من القتال مع إسرائيل أمر لا مفر منه.
وأشارت الصحيفة إلى أن مخزون إيران من اليورانيوم عالي التخصيب، الكافي لصنع 11 سلاحاً نووياً، إما مدفون تحت الأنقاض كما تزعم إيران، أو نُقل إلى مكان آمن كما يعتقد المسؤولون الإسرائيليون.
إيران أضعف من أي وقت مضى
وقالت سوزان مالوني، خبيرة الشؤون الإيرانية ومديرة برنامج السياسة الخارجية في معهد بروكينغز: “إيران أضعف اليوم مما كانت عليه منذ الغزو الأمريكي للعراق، لكنها ليست ضعيفة إلى درجة تجعلها بلا تأثير”. وأضافت “هذا الضعف يجعل من السهل على دول المنطقة التعامل مع إيران والحفاظ على علاقاتها، لكنها في نفس الوقت قد تصبح أكثر خطورة في لحظات اليأس”.
ورغم نفي إيران المستمر لامتلاكها أسلحة نووية، فقد قامت بتخصيب اليورانيوم إلى مستويات غير قابلة للاستخدام السلمي، ومنعت المفتشين الدوليين من تفتيش منشآتها النووية، كما وسعت قدراتها الصاروخية الباليستية.
تداعيات الهجمات السابقة
وردّت إيران على الضربات الإسرائيلية بإطلاق أكثر من 500 صاروخ باليستي وحوالي 1100 طائرة مسيرة تجاه إسرائيل، ما أسفر عن مقتل 32 شخصاً وإصابة أكثر من 3000 آخرين هناك، في حين لقي أكثر من 1000 شخص حتفهم في إيران.
خلال حرب الـ12 يوماً في يونيو(حزيران)، سجّلت إسرائيل 36 ضربة صاروخية وهجوماً واحداً بطائرة مسيرة في مناطق مأهولة، ألحق أضراراً بـ 2305 منازل في 240 مبنى، إضافة إلى جامعتين ومستشفى، وشرد أكثر من 13 ألف إسرائيلي.

