هذا شعبٌ أصلٌ من خيرة العرب

3 د للقراءة
3 د للقراءة
هذا شعبٌ أصلٌ من خيرة العرب

صراحة نيوز-المهندس مدحت الخطيب

عندما قال وصفي التل إن الأردنيين «شعبٌ أصلٌ من خيرة العرب»، لم يكن يوزّع أوسمةً مجانية، ولا كان يؤسس لخطاب عاطفي يسهل ترديده. كان يصف حقيقة تكوّنت عبر دمٍ سُفك، وجوعٍ تحمّله الناس بصبر الجبال، وكرامةٍ لم تنحنِ، وأبوابٍ فُتحت بمروءة قبل أن تُفتح حدود.
هذا البلد لم يُبنَ على الخوف، بل على فكرة صلبة: أن الإنسان أغلى ما نملك قالها الحسين بن طلال رحمة الله عليه ورددناها موقنين بها منذ عشرات السنين، وأن العروبة ليست شعارًا على بوابة معسكر فكان لجيشنا العربي المصطفوي اليد العليا في ميادين القتال ، نعم هذا الوطن لم يُبنَ على الخوف وقصار القامة بل على سلوك يعيش في البيوت، وفي الطرقات، وفي تفاصيل يومية يعرفها كل من لجأ إلى هذه الأرض وخرج منها «مرفوع الرأس» كما دخل…
صدقوني في زمن الانقلابات العربية والاحتلال والاقتتال لم تكن تسمية «الجيش العربي» بهذا الاسم ديكورًا لغويًا، بل إعلانًا أخلاقيًا لهوية جيش قاتل خارج حدوده من أجل عرب لا تربطه بهم جغرافيا، بل تربطه بهم نخوة الأردني الأصيل..
واستقبال المهجّرين لم يكن موقفًا سياسيًا يدفع في الغرف المغلقة حساباته ، بل واجبًا أخويًا يخرج من عمق تاريخٍ عرف معنى النصرة، وعرف أن الحمى لا يضام فيه ضعيف…
لكنّ اليوم، يأتي قصار العمل السياسي وأقولها بمرارة وكتبة الشعارات ليحاولوا اختراع رواية جديدة. روايةٌ تقوم على التخويف، والفرز، وزرع الشك في نوايا الناس، وكأن الدفاع عن الأردن يتحقق بالصوت العالي لا بالفعل، وبالمزايدة لا بالكرامة، وبالتشويه لا بالثقة..
يريدون تحويل تاريخ الامتداد من الآباء والأجداد إلى تهمة، والكرم إلى ضعف، والانفتاح العربي إلى شبهة..
يريدون صناعة أردنٍ صغيرٍ بحجم حساباتهم، لا بحجم تأريخه الذي نعتز به ونفاخر الدنيا..
الدفاع عن الأردن يا هواة السياسة لا يكون بتحريض الأردني على أخيه العربي وبالعكس ، ولا بتلويث المعاني التي قامت عليها الدولة.
الأردن قوي لأنه كان دائمًا بيتًا آمنًا، وساحة رجولة، ومظلة حاضنة لكل مظلوم..
الأردن قوي لأن جيشه «عربي» لا بالاسم، بل بالفعل..
الأردن قوي لأن قيمه لا تصنعها الحملات الموسمية، بل تراكم جيل فوق جيل..
وما يحاول البعض التشويش عليه اليوم ليس الهوية، فهذه ليست محل جدل، بل القيمة الأخلاقية التي ترفع الأردن فوق صراعات صغار السياسة..
هؤلاء لا يريدون أردنًا يخدم فكرة وتاريخًا وحقيقة جرى الدفاع عنها بالدم..
الأردن لا يُدافع عنه من فقدوا البوصلة وتجار الأزمات، بل من يحملون روحه:
الناس الذين إذا أُغلقت الحدود فتحوا البيوت، وإذا حاول أحد تمزيق المجتمع ردّوه إلى حجمه، وإذا حاول أحد سرقة تاريخهم هتفوا بما قاله وصفي:
هذا شعبٌ أصلٌ من خيرة العرب وليس لأحد أن يختصره في خطاب، أو يصغّره في خندق…
#الدستور

Share This Article