الإدارة الحصيفة في ميزان سيادة القانون

4 د للقراءة
4 د للقراءة
الإدارة الحصيفة في ميزان سيادة القانون

صراحة نيوز- د. فريال العساف

بادئ ذي بدء تعرّف الإدارة الحصيفة والتي تعني باختصار شديد، تلك الإدارة القائمة على العدالة والنزاهة والكفاءة، والتي تحقق الأهداف بفعالية وبنهج مؤسسي سليم وترتكز على الالتزام بسيادة القانون وما ينتج عنه من تعليمات وأنظمة فضلاً عن تطبيق أسس العدالة والمساواة، وتكافؤ الفرص، والشفافية، والقدرة على معالجة المشكلات بشكل استباقي وحازم. وهي التي تعمل عن تطبيق العمل المؤسسي بنهج سليم بعيدا عن الغبن القانوني والتصيد والشللية والإدارة الحصيفة لا تؤمن بالمناطقية والمحسوبية والواسطة والجهوية وغيرها من معوقات النهج الإداري المؤسسي السليم.
تختلف آراء الأدباء والعلماء في اسس الإدارة الحصيفة، حيث تؤكد كارول دويك في كتابها «العقلية» على أن المهارات الإدارية تُبنى على عقلية النمو، بينما يركز براين تريسي في «لا أعذار!» على قوة الانضباط الذاتي لتحقيق الأهداف. ويشدد تشارلز د وهيج في «قوة العادة» على فهم دور العادات وتغييرها لتحقيق إدارة حصيفة، كما يركز روي بوميستر في «قوة الإرادة» على أهمية قوة الإرادة في اتخاذ القرارات الصائبة.
ترتكز الإدارة الحصيفة من وجهة نظري على مبدأ تطبيق سيادة القانون فهو ركيزة أساسية وعمادًا لا غنى عنه في نهج الإدارة الحصيفة، حيث يرى كبار الكتّاب والمنظرين في الإدارة والحكم الرشيد ان النظام الإداري السليم وسيادة القانون وجهان لعملة واحدة، اساسها كفالة الضمانات القانونية لبيئة عمل مستقرة وعادلة وشفافة. وهذا ما عبّر عنه الفقيه الفرنسي منتسكيو في كتابه الشهير «روح القوانين» بالقول أنه لا توجد هناك دولة أقوى من تلك التي تحترم قوانينها وتطبقها على جميع أفرادها ومسؤوليها على قدم المساواة. ومن جانب، ورد مصطلح «الإدارة الحصيفة» بشكل محوري ورئيسي في الورقة النقاشية السادسة لجلالة الملك والتي نُشرت في 16 أكتوبر 2016، وجاءت تحت عنوان: «سيادة القانون أساس الدولة المدنية». فقد أكد جلالة الملك على ان سيادة القانون معتبرا إياه عماد الدولة المدنية وأساس الإدارة الحصيفة لتقوم بدورها على أكمل وجه . وان تكون سياسة العقاب والثواب هي الأساس في التقييم فالسلطة والصلاحيات يجب ان ترتكز على المسؤولية في التنفيذ بحيث يبقى المسؤول تحت رقابة القانون . وأنّ الأساس الذي تبنى عليه الإدارة: خضوع الجميع، أفراداً ومؤسسات، لحكم القانون. هذا المبدأ هو أهم ركيزة في عمل كل مسؤول وكل مؤسسة تسعى للعمل بحصافة.
يتطلب تطبيق الإدارة الحصيفة في أي مؤسسة نهجًا شمولياً يجمع بين التخطيط الاستراتيجي، والالتزام الصارم في القوانين، وثقافة الشفافية والمساءلة والتأكد من أن جميع القرارات والإجراءات الإدارية تتوافق تمامًا مع الدستور والقوانين واللوائح المعمول بها. وأيضاً تكون بالقيادة بالقدوة: بحيث يكون القادة والمديرون أنفسهم ملتزمين بالمبادئ الأخلاقية والقانونية العليا ليكونوا قدوة للموظفين. والقدرة على التخطيط للتعاقب الوظيفي من خلال : وضع خطط واضحة لضمان استمرارية القيادة (Succession Planning) وتقليل مخاطر الاعتماد على الأفراد الرئيسيين. الساعين لتحقيق مأرب شخصية وتقديمها على المصلحة العامة، ناهيك عن أهمية تطبيق معايير الحوكمة والشفافية وان لا تكون مجرد شعارات يتغنى بها المسؤول دون السعي الى الفعل على أرض الواقع . خلاصة القول،العلاقة بين الإدارة الحصيفة وسيادة القانون هي علاقة ترابط وثيق وتكامل أساسي؛ حيث تُعتبر سيادة القانون حجر الزاوية الذي تبنى عليه الإدارة الحصيفة والفعالة والمستدامة. ولا يمكن أن تكون الإدارة»حصيفة» (حكيمة وناجحة) بمعزل عن إطار قانوني صارم وعادل.

Share This Article