لماذا لم يستغلّ المناصير قوّته الماليّة ليتحكّم بسياسة الدولة؟

5 د للقراءة
5 د للقراءة
لماذا لم يستغلّ المناصير قوّته الماليّة ليتحكّم بسياسة الدولة؟
  • صرخة المناصير ليست “شخصية”… بل صرخة وطن، وجرس إنذار لحكومة ورقابة وقضاء وشعب.
  • المناصير ليس مستثمراً عابراً، ولا “رجل أعمال بالصدفة” كان يستطيع أن يشتري نصف المشهد السياسي لكن اختار أن يستثمر في البلد… لا في السلطة.
  • إذا كانت دولة بحجم الأردن تسمح بابتزاز أحد أكبر المستثمرين فيها… فكيف هو حال المستثمر الصغير؟
  • تحرك الحكومة… خطوة بالاتجاه الصحيح لكنها ليست كافية.

صراحة نيوز – كتب محمد القرعان

التصريحات المنسوبة للمستثمر الأردني رجل الأعمال المهندس زياد المناصير ليست مجرد كلمات عابرة في جلسة خاصة … بل ناقوس خطر يجب أن يُقرع بقوة، وأن يُسمع صداه في كل مكتب مسؤول يتعامل مع الدولة كما لو أنها “مزرعة الوالد” وليست ملكًا عامًا يديره باسم الشعب.

المناصير أحد أكبر المشغّلين في المملكة، ومن القلائل الذين سخّروا ثرواتهم لبناء اقتصاد وفرص عمل؛ منظومته الاقتصادية خلقت آلاف الوظائف، ودفعت بالمليارات إلى السوق المحلي، وكل ذلك دون أن يمد يده على الدولة ولا على جيوب الناس.

صرخة المناصير كشفت ما يعرفه الأردنيون منذ سنوات وينتظرون من يجرؤ على قوله:
هناك مسؤولون يعتبرون مواقعهم غنيمة، وينظرون إلى المستثمر كما لو أنه “كنز يجب ابتزازه” وليس شريكًا في التنمية.

المناصير، الذي يحظى باحترام واسع من الملك والشعب، أطلق قنبلة سياسية واقتصادية عندما تحدّث عن تهديدات وضغوط ومحاولات تضييق وتعطيل لاستثماراته.
والأخطر: لم ينفِ أحد هذا الكلام، لا بيان رسمي، ولا توضيح، ولا حتى “بروتوكول إنكار” لحفظ ماء الوجه. الصمت هنا إدانة أكثر من أي اعتراف.

انتشر تصريح المناصير كالنار في الهشيم، ليس لأنه مجرد خلاف مع موظف صغير، بل لأنه كشف حجم التشوه الذي أصاب مؤسسات الدولة بسبب شلل المصالح الشخصية والشللية والمحسوبيات.

بلد يتظاهر أنه يبحث عن الاستثمار، بينما المستثمرون يتعرضون لابتزاز بعض من يعتقدون أن القلم والقرار ورقة مساومة.

لو كان الرجل يبحث عن المناصب أو النفوذ السياسي… لأصبح نصف مجلس النواب “ قائمة مناصير”، ولرأينا حزبًا اقتصاديًا يملك المال والتنظيم والتأثير. ولكنه لم يفعل.
لم يدخل السياسة، لم يشتري نفوذًا، لم يقايض الدولة على مصالحه الخاصة. وهذا وحده يكفي لنعرف أن صرخته نابعة من الم ووجع يضر الوطن وليس بحثاً عن مصلحة شخصية.

يُسجّل لرئيس الحكومة الدكتور جعفر حسان سرعة استجابته، وزيارته لهيئة النزاهة ومكافحة الفساد، وإطلاقه تصريحات شديدة الوضوح حول حماية المستثمرين ومحاسبة المتورطين – مسؤولين كانوا أو “أباطرة مكاتب مظلمة”.

لكن الناس تريد أفعالًا لا اقوال… الوعود سمعوها كثيرًا، وما يحفظ هيبة الدولة ليس الكلام، بل المحاسبة الفعلية وتحويل المتورطين إلى القضاء، أيًا كانت مناصبهم.

البيئة الاستثمارية ليست إعلانًا في التلفزيون فلا يكفي أن يخرج مسؤول ليتحدث عن “تشجيع الاستثمار”… بينما مستثمر بحجم المناصير يواجه تهديدات ومحاولات تعطيل.
ولا يكفي أن يجوب الملك العالم لإقناع المستثمرين بالقدوم إلى الأردن… بينما بعض الموظفين يُفرغون كل تلك الجهود في مكاتبهم المغلقة.

هذه ليست بيئة طاردة للاستثمار فقط… بل بيئة طاردة للتنمية، وطاردة للثقة، وطاردة لأي رجل دولة حقيقي.

السؤال الأخطر: لماذا لم يتحكّم المناصير بالدولة رغم أن بإمكانه ذلك؟
لأن الرجل ببساطة ليس من جماعة “شراء القرار” ولا من هواة الفوضى السياسية. ولأن انتماءه للأردن يسبق حسابات الربح والخسارة. ولأنه اختار أن يستثمر في البلد… لا أن يستثمر في السلطة.

وبالمقابل – وهنا جوهر القضية ـ هناك من استغل مناصبه لابتزاز المستثمرين بدل من أن يحميهم، ومن استثمر “وظيفته العامة” لتحقيق مكاسب خاصة بدل من أن يخدم وطنه.

المناصير كان يستطيع أن يشتري نصف المشهد السياسي لو أراد… لكنه لم يفعل. لم يركب موجة السياسة، ولم يسعَ لدور أكبر من دوره الطبيعي كمستثمر وطني.

إذا كانت دولة بحجم الأردن تسمح بابتزاز أحد أكبر المستثمرين فيها… فكيف هو حال المستثمر الصغير؟
وكيف هو حال المواطن البسيط الذي يقف في طابور خدمات تنخرها الشللية والمحسوبية؟

ختاماً إن المستثمر الأردني رجل الأعمال المهندس زياد المناصير لم يستخدم قوته المالية للتحكم بالدولة… لكن يبدو أن هناك من يستخدم ضعف الدولة للتحكم بالمستثمرين. وهنا تكمن الفضيحة الحقيقية.

Share This Article