صراحة نيوز- بقلم / المحامي حسام العجوري
في وطن يقوده جلالة الملك عبدالله الثاني بثبات ورؤية واضحة نحو دولة حديثة وعادلة، لا مكان لثقافة الالتفاف على القوانين أو البحث عن طرق خلفية للحلول. جلالته لطالما شدد على أن الأردن دولة قانون، وأن حقوق الناس يجب أن تُؤخذ بالعدل والكفاءة لا بالمحاباة. كلمات الملك التي قال فيها: “لا واسطة ولا محسوبية… من يستحق يأخذ حقه” بقيت علامة فارقة في مسيرة الإصلاح، ورسالة مباشرة لكل مسؤول ولكل مواطن بأن العدالة لا يمكن أن تقوم ما دام هناك من يعتقد أن الواسطة علاجٌ سحري يفتح له كل الأبواب.
ورغم وضوح التوجيهات الملكية، ما زال بعض الناس يؤمنون بأن “الواو” هو فيتامين النجاح الأول، لكن الحقيقة أن الواسطة ليست دواء، بل داء يضرب جذور العدالة في أي مجتمع. فهي تزرع في النفوس شعور الظلم، وتضعف المؤسسات عندما يدخلها من لا يملك المؤهل الحقيقي، وتخلق فجوة بين المواطن والدولة حين يشعر الناس أن تعبهم لا يكفي إن لم يكن خلفهم شخص متنفذ. والأسوأ أنها تدفع بالكفاءات إلى الهجرة، وتجعل الوطن يخسر عقوله وأصحاب الخبرة الذين كان يمكن أن يصنعوا الفرق لو وجدوا فرصة واحدة فقط تقوم على الإنصاف، لا على الوساطة.
إن الأردن الذي يريده جلالة الملك هو الأردن الذي تُفتح أبوابه للكفاءات لا للواسطات، الذي تُبنى فيه الفرصة على العلم، والوظيفة على التنافس، والإنجاز على الخبرة. فالفرص الحقيقية لا تولد من ورقة توصية، بل من امتحان عادل، وجهد صادق، وقدرة واضحة على الإنتاج والعطاء. وعندما يحصل صاحب الكفاءة على حقه، فإن المؤسسات تقوى، والاقتصاد ينهض، والناس تستعيد ثقتها بالدولة، والأمل يدخل قلوب الشباب من جديد، لأنهم يعرفون أن المستقبل يصنعه من يعمل، لا من يشفع له أحد.
إن الواسطة ليست طريقاً مختصراً كما يظن البعض، بل حفرة كبيرة تبتلع العدالة وتخرّبت المؤسسات وتوقف نهوض المجتمع. والكفاءة وحدها هي الطريق الذي يُكرّس ما يريده جلالة الملك: دولة يعيش فيها الجميع تحت ظل القانون، ويأخذ كل شخص مكانه الحقيقي بجهده لا بواسطته. ففي وطن يحكمه قائد يؤمن بالعدالة، يصبح من واجب كل فرد أن يدفع بثقافة الكفاءة إلى الأمام، وأن يترك “فيتامين الواو” خارج قاموس المجتمع إلى الأبد.

