أبو نقطة يكتب: من التخصصات الراكدة إلى الوظيفة المضمونة.. خارطة طريق لخريجي الأردن الجدد

4 د للقراءة
4 د للقراءة
أبو نقطة يكتب: من التخصصات الراكدة إلى الوظيفة المضمونة.. خارطة طريق لخريجي الأردن الجدد

صراحة نيوز- بقلم / عبدالرحمن ابو نقطة

باحث في المجلس الاقتصادي والاجتماعي الأردني.

1. وهم “الشهادة الكبرى”:

لطالما كان الحصول على الشهادة الجامعية هو الهدف الأسمى لكل شاب وفتاة في الأردن، والضمان الاجتماعي الأوحد للعائلة. لكن، ما كان يُعدّ ضماناً بالأمس، أصبح اليوم مجرد بداية لمسيرة بحث شاقة. يواجه خريجو الجامعات الجدد، خاصة في التخصصات “الراكدة” التقليدية، واقعاً مريراً حيث تتضاءل فرص العمل أمام أعداد هائلة من المنافسين. إن المشكلة لم تعد في الحصول على الشهادة، بل في قيمة هذه الشهادة في سوق العمل الأردني المتغير. فكيف يمكن للخريج أن يعيد رسم مساره وينتقل من صفوف الباحثين عن عمل إلى خانة الموظفين ذوي الطلب العالي؟

2. تحديد موقعك: ما هي “التخصصات الراكدة” فعلاً؟

ليس الهدف هو إدانة تخصص معين، بل فهم ديناميكية السوق. التخصص الراكد هو الذي يكون عدد خريجيه أكبر بكثير من الوظائف المتاحة له سنوياً. في الأردن، تشمل هذه التخصصات غالباً: الآداب، بعض تخصصات الحقوق والإدارة العامة، وبعض فروع العلوم البحتة التي لا ترتبط مباشرة بالصناعة. ولكن، الخطر الحقيقي لا يكمن في اسم التخصص، بل في طريقة الدراسة. فالخريج الذي يكتفي بالمنهاج الجامعي النظري، بغض النظر عن تخصصه، هو خريج “راكد” بطبعه.

3. إعادة التوجيه: رقمنة التخصص (Digitalization)

هنا تكمن خارطة الطريق الحقيقية. بدلاً من التخلي عن شهادتك، عليك أن تُزوّدها بالمهارات التي يحتاجها سوق العمل. الخطوة الأولى هي رقمنة تخصصك التقليدي. يمكن لخريج اللغة العربية أو الإنجليزية أن يتحول إلى كاتب محتوى (Content Writer) متخصص في تحسين محركات البحث (SEO) أو مدقق لغوي رقمي للمنصات والمواقع الإلكترونية. بينما خريج الإدارة أو المحاسبة، يمكنه التخصص في تحليل البيانات (Data Analysis) أو إدارة التجارة الإلكترونية (E-commerce Management) باستخدام برامج متقدمة.

4. المهارات البينية (Interdisciplinary Skills):

الاندماج مع التخصصات الأخرى أصبح ضرورة. يجب على الخريج أن يجمع بين تخصصه الأساسي ومجال تقني أو مهني مطلوب. على سبيل المثال، اكتساب مهارات البرمجة بتعلم لغات مثل بايثون (Python)، واستخدامها في تحليل البيانات المتعلقة بمجال دراسته. كما أن مهارة إدارة المشاريع (PMP) أصبحت مطلوبة في كل القطاعات، من الهندسة إلى الخدمات الإنسانية، وتضيف قيمة هائلة لأي شهادة جامعية.

5. المهارات الناعمة (Soft Skills) والإتقان اللغوي:

لا تقل هذه المهارات أهمية عن المهارات الفنية. أتقن التواصل الفعّال، العرض والإلقاء الجيد، وحل المشكلات المعقدة والعمل الجماعي. الأهم من ذلك، يعد إتقان اللغة الإنجليزية شرطاً أساسياً للوصول إلى الوظائف الدولية وفرص العمل عن بعد، وهو ما يفتح آفاقاً تتجاوز حدود سوق العمل المحلي.

6. الاندماج العملي: الخبرة قبل الشهادة

سوق العمل في الأردن يطلب “الخبرة” أكثر من “المعدل”. لذا، يجب التركيز على اكتسابها مبكراً من خلال التدريب المهني (Internships) المدفوع أو غير المدفوع خلال سنوات الدراسة. يمكن أيضاً اللجوء إلى العمل الحر (Freelancing) عبر منصات مثل “خمسات” و “مستقل” و Upwork لبناء سجل عمل حقيقي وكسب الدخل قبل التخرج، مما يثبت لصاحب العمل أن لديك القدرة على الإنجاز. ولا تنسَ بناء السيرة الذاتية الرقمية والمهنية على منصة LinkedIn.

7. المستقبل لمن يبني نفسه:

لم يعد الخريج ينتظر الوظيفة الحكومية أو القطاع الخاص التقليدي. المستقبل في الأردن هو لـ “خريج 4.0″؛ الخريج الذي يجمع بين الأساس العلمي المتين والمهارات التقنية والتطبيق العملي. خارطة الطريق واضحة: حدد نقاط الضعف في تخصصك، سلح نفسك بالمهارات الرقمية المطلوبة، وابدأ بتوليد الخبرة من الآن. عندئذٍ، لن تكون باحثاً عن وظيفة، بل خياراً لا غنى عنه لسوق العمل الأردني المتسارع.

Share This Article