محاولة .. لوصف .. صفات .. وصفي

6 د للقراءة
6 د للقراءة
محاولة .. لوصف .. صفات .. وصفي

صراحة نيوز- بقلم عوض ضيف الله الملاحمة

تشرفت ، وكتبت عدة مرات عن الرمز الأبدي الأردني الشهيد الحيّ / وصفي التل . لكن مهما كُتب عن وصفي التل ، يبقى هناك قصوراً في تناول هذه الشخصية الوطنية العروبية المتفردة عطاءاً وإنتماءاً لوطنه وأمته .

للعلم اسم ( وصفي ) يعني : صاحب الصفات الحسنة . و ( التل ) تعني : ما إرتفع من الأرض عمن حوله ، او مُرتفع طبيعي من الأرض له قمة واضحة ومميزة . سبحان الله حتى إسمه وإسم عائلته يعني السمو ، والرفعة ، والتميز ، والتفرد ، والوضوح ، والصراحة ، وتميز السيرة والمسيرة .

مهما كُتِبَ عن وصفي التل ، أرى انه لا يوجد من لديه القدرة على وصف صفات وصفي ، او سبر أغوار شخصيته .

كان وصفي التل يمتلك كاريزما فريدة ، وهذه الشخصية الكاريزمية خاصة به ، وهي جينية ، وليست مكتسبة ، يعني ( built in ) كما يُقال .

من حقّ كل الأردنيين ان يكتبوا عن وصفي ، ولا أقول ان يتذكروه او يذكروه ، لأن الأردنيين لم ، ولن ينسوه حتى يتذكروه . فشخص وصفي وإسمه وأفعاله ، وإنتمائه ، ونزاهته ، وإستقامة نهجه تحتل جزءاً في عقل كل أردني . لذلك نجد انه لا يغيب عن بال الأردنيين ، ويتمنون وجوده عند كل محنة او ضائقة وطنية .

الأردنيون أوفياء ، لا ينسون كل أردني شغل منصباً متقدماً في إدارة شؤون الوطن وترك بصمات ، او حتى لو ترك بصمة وطنية واحدة يفتخرون به ، ولا يملّون من تكرار ترديد إسمه ، حدّ التغني به ، والتفاخر بذكره . فعند كل ضائقة وطنية تجد الأردنيين وكأنهم يستنجدون به ، ويلجأون اليه ، وكأنه ما زال حيّاً ، ويمكن ان يُلبي النداء ويستجيب للإستغاثة . والدليل البيِّن الواضح الأكيد الذي لا غبار عليه ولا جدال فيه انه رغم مرور ( ٥٤ ) عاماً ، على إستشهاد وصفي ، ما زال إسم وصفي التل راسخاً في ذاكرة كل أردني شريف منتمٍ لوطنه وأمته . عجيب أمر هذا الرجل الذي أسَرَ ، وما زال يأسر قلوب وعقول الأردنيين . لدرجة ان من كان شاباً يافعاً في عمر ال ( ١٨ ) عاماً عند إستشهاد وصفي اصبح شيخاً بعمر ( ٧٤ ) عاماً ، يتغنى به ويفتخر بأفعاله كأنه عايشه ورافقه او حتى زامله في العمل .

لله درك يا وصفي التل ، لقد بلغت مبلغاً ، واحتليت مرتبة متفردة عند الأردنيين . والغريب إجماع كافة الأردنيين على تميزة وتفرده حتى الذين كانوا يعارضونه أحياناً .

مع ان حبّ الناس غاية لا تدرك ، كما يُقال ، الا ان وصفي أدركها بجدارة وإستحقاق . إستناداً لمفهومٍ إسلامي ، يستند الى حديثٍ شريف : حبّ الناس من محبة الله للإنسان . حيث يوضح الحديث الشريف ان حب الله للعبد ، يترتب عليه حب الناس له . ونصّ الحديث النبوي الشريف كما يلي :(( إن الله اذا أحب عبداً نادى جبريل إني أحب فلاناً فأحبه ثم ينادي في أهل السماء : إن الله قد أحب فلاناً فأحبوه ، ثم يوضع له القبول في الأرض )) .

أود ان أُشير الى حادثتين عن الشهيد / وصفي التل ، يعرفهما غالبية الأردنيين :—
الحادثة الأولى:— ودّ الشهيد/ وصفي ان يحصل على قرض من مؤسسة الإقراض الزراعي ، وكان مدير المؤسسة (( أمين الأمة )) الشيخ / محمد عودة القرعان . وأعتذر القرعان الى وصفي لأن شروط إعطاء القرض لا تنطبق عليه . وبعد أيام تم تعيين وصفي رئيساً للوزراء . فتوقع العاملون في المؤسسة ان أول قرار سيتخذه وصفي سيكون إقالة القرعان . لكن أول قرار اتخذه وصفي كان ترقيته من الدرجة الأولى الى الدرجة الخاصة لنزاهته وإخلاصه في العمل .
والحادثة الثانية :— ان الملك الحسين رحمه الله سدد عن وصفي التل ديونه التي بلغت ( ٩٣ ) ألف دينار . وللعلم فإن الديون عبارة عن أثمان إطارات لتراكتور زراعي ، وبكب ، وطرمبة مياه للري ، ومحراث للتراكتور ، وثمن بذور زراعية ، وديزل ، وخلافه من المستلزمات الزراعية ، لان الموسم الزراعي كان في بدايته ، ولجأ وصفي للاقتراض لتوفير المتطلبات الزراعية .

الأردن ولادة ، والتاريخ يشهد ان هناك الألوف من الرموز ، خاصة من رعيل رجالات الأردن الأوائل الذين تركوا بصمات ، وأدوا أدواراً متميزة في بناء الأردن والإرتقاء به . ويشرفني ان أذكر عدداً يسيراً للتدليل ، وليس الحصر . فكيف لنا ان ننسى : الشيخ / علي خلقي الشرايري ، والشيخ / كليب الشريدة ، والشيخ / راشد الخزاعي ، والشيخ / محمد الحسين العواملة ، والشيخ / حسين الطراونة ، والشيخ / قدر المجالية ، والشيخ / شلاش المجالية ، والشيخ / عودة ابو تايه ، وغيرهم الكثير .

وفي الليلة الظلماء يُفتقد البدر . وأختم بأبيات منتقاة للشاعر الكبير / حيدر محمود ، في ذكرى إستشهاد / وصفي التل ، حيث يقول :—
ما زال دالية فينا / لا زال دالية فينا / نفيء الى ظلالها / بندى الأردن نسقيها / وصفي .. ويكفي بأنّا حين نذكرهُ / نزداد فخراً .. ونزهو بإسمهِ تيها .

Share This Article