صراحة نيوز- بقلم / نضال السعودي
مع بزوغ كل صباح، أفتح عيني على عالم لا يمنحني فرصة لالتقاط أنفاسي .. أبداء يومي قبل أن يستيقظ الضوء الكامل، أحمل في داخلي ثِقَل الأيام الماضية، وأمضي نحو يوم جديد أحمل إليه تحديات لا تنتهي.( أنــا رجــل أنهكـته الظـروف)، فلم تترك لي الحياة خياراً سوى المضي قدماً رغم التعب الذي يلازمني ، ورغم أن صوتي الداخلي يصرخ بأنني بحاجة إلى راحة لا تأتي.
في دفتر يومياتي. الذي لا أكتبه على الورق بل أحفظه في ذاكرتي المثقلة، تتكدس التفاصيل الصغيرة: فاتورة مؤجلة، كلمة جارحة، مرض مسن، فرصة عمل ضائعة، ومحاولة جديدة للحفاظ على توازني هش بين ما أريد وما أستطيع. أواجه الحياة بظهر مستقيم، ليس لأن القوة تسكنني، بل لأن السقوط ليس خياراً متاحاً لدي.
أمشي في شوارع مزدحمة، تشبه ازدحام الأفكار في رأسي، أحاول أن أبدو طبيعياً بين الناس، بينما داخلي معركة لا يسمعها أحد. أحافظ على ابتسامتي لأن في بيتي من ينتظر مني الطمأنينة، ولأن التعب – مهما اشتد – لا يجوز أن ينعكس على من أحب. كثيراً ما أتظاهر بالثبات، وكثيراً ما يخفي تشققات روحي خلف كلمات مطمئنة، كأنني أحمي الآخرين من الألم الذي أتجرّعه بمفردي ..
وعندما يحلّ المساء، أعود إلى بيتي بخطوات ثقيلة. أجلس قليلاً إنظر إلى سقف غرفتـي، لا أنتظر جواباً ولا أسأل أحداً، بل أسترجع ما مرّ بي خلال يوم طويل، وأشكر الله على القليل الذي ما زلت أملكه: والقدرة على الصبر، وأشعل أمل لا تنطفئ تماماً مهما حاصرتني الظروف. أعرف أن الغد لن يكون أسهل، لكنني أنهض كل يوم من جديد، لأن بداخلي قناعة تقول إنني الإنسان أختبر بقوتي وصمودي وكبريائي لا بما يُفرض علي من قسوة الحياة.
هكذا تمرّ يومياتي: تعبٌ لا يُرى، وصمودٌ لا يُشكر، وإصرارٌ على العيش رغم كل ما سلبته مني الأيام. لكنني، برغم الإنهاك، أضل اؤمن بأن الله لا يترك قلباً صدق في الدعاء، ولا يضيع جهداً بذل من أجل حياة كريمة، وأن الفجر مهما طال غيابه لابدّ أن يأتي.

