صراحة نيوز- بقلم / المحامي حسام العجوري
عندما شُكّلت حكومة جعفر حسان، تفاجأ الأردنيون بأن ثلثي وزرائها هم أنفسهم من حكومة بشر الخصاونة—وكأننا لسنا أمام تغيير حكومي بل أمام نقل ملكية من فصل إلى فصل آخر في نفس “العائلة السياسية”.
وجاء هذا المشهد ليؤكد الفكرة التي يتحدث عنها الناس منذ سنوات: أن المناصب العليا تُمنح من خلال دفتر عائلة حكومي لا يُطبع في دائرة الأحوال، بل يُطبع في غرف مغلقة تُوزَّع فيها المقاعد على الوجوه ذاتها.
لم تعد المناصب العليا مجرد وظائف لخدمة الدولة، بل أصبحت إرثًا حكوميا يتناقله الأشخاص ذاتهم من حكومة إلى أخرى، وكأن الوزارات بيوت ورثوها عن الآباء والأجداد.
ولا يقف الأمر عند اختيار الوزير نفسه؛ فمع أداء القسم، تبدأ تعليمات أقارب الوزير بالظهور فورًا، وكأن الوزارة أصبحت “وقفًا عائليًا” يُدار بالمحبة والقرابة:
– ابن العم يبحث عن مديرية.
– ابن الخال يريد رتبة مستشار.
– و”نسيب” الوزير يطمح بكرسي يشبه “VIP حكومي”.
– وصديق العائلة يدخل من الباب الخلفي بعبارة: “إحنا إلنا عندك يا معاليك.”
وبذلك تتحول بعض الوزارات إلى مضافات عائلية، يتوزع فيها النفوذ وفقًا لصلات الدم لا صلات العمل.
أما الأردني الكفؤ الذي اجتهد ودرَس وامتلك الخبرة، فيُقال له بصيغة مؤدبة:
“نعتذر… اسمك مش موجود بدفتر العيلة الحكومي.”
والسخرية أن كل حكومة جديدة تعلن أنها تبحث عن الكفاءات، لكن ما يحدث فعليًا يثبت أن الكفاءة المطلوبة الأولى هي درجة القربى من صاحب المعالي أو فيتامين واو الذي تحدثنا عنه سابقا.
ويبقى السؤال الذي يطرحه الشعب كلما أعلنوا عن تشكيل جديد: أو عن وظائف عليا .
هل سنشهد يومًا تتغير فيه ثقافة “الإرث الوزاري”؟
أم ستبقى المناصب العليا صفحات محفوظة في دفتر العائلة الحكومي… لا يدخلها إلا أصحاب الحظ و القرابة؟

