صراحة نيوز-الفريق المتقاعد موسى العدوان يكتب:
يُحكى أن شاباً مستجدا في وظيفته الأولى، وجد لدى الشركة المالية التي التحق بها، مخالفات ترقى لمستوى خيانة الأمانة، يرتكبها رئيسه المباشر. فرفع مذكرة للمدير العام بهذه المخالفات، التي تضر مصلحة الشركة وتمس سمعتها ومالها.
وعندما جاء لمكتبه صباح اليوم التالي، وجد ظرفاً يحمل اسمه، ففتحه بحماسة متوقعاً خطاب شكر من المدير العام، أو مكافأة على حرصه وأمانته في العمل. لكن مضمون الظرف كان بعكس توقعاته، إذ حمل إليه خطاب الاستغناء عن خدما ته . . !
أدرك الشاب مبكراً في بداية عمله، أن طرق الحياة مليئة بالأشواك، وتتقاطع فيها دروب اللصوص وأصحاب المصالح، وأن الأمانة والحرص على مصلحة العمل، لا يكفيان لإنارة الطريق ومحاسبة اللصوص، وعبور تلك التقاطعات بأمان !
وطوال السنوات اللاحقة، ظلت هذه التجربة قناعة ثابتة لديه، بأن الفساد لا يُقهر وله شركاء وشبكات متنوعة عمودية وأفقية. وظل متشككاً بكل شعارات مكافحة الفساد، التي يطلقها المسؤولون في الحكومة، ومؤمناً بأن كشف الفاسد . . قد يكون وبالاً على من لدية أمانة المسؤولية . . وينشد الإصلاح والتقدم في المجتمع . . !
وفي الحقيقة . . أن السارق ليس هو من يمد يده على ممتلكات الغير، وعلى الأموال الرسمية فقط، بل السارق الكبير، هو من يعين غير الأكفاء بمناصب لا يستحقونها . . السارق الحقيقي . . هو من يطبق لعبة تدوير الكراسي . . السارق الظالم . . هو من يعيد تعيين بعض الموظفين السابقين بوظائف جديدة، بحكم الصداقة أو الشللية، أو العلاقة الخاصة، كي يسمح لهم بالجمع بين أكثر من راتب عالٍ، ويحرم غيرهم من حقوقهم.
أما كاشف الفساد فيجب أن يقدر ويكافأ، لا أن يُجازا كجزاء المهندس الروماني سنّمار. ذلك الأسلوب الذي يتّبعه بعض المسؤولين في دول العالم الثالث هذه الأيام، دون وازع من ضمير أو مخافة من الله تعالى . . !
التاريخ : 5 / 12 / 2025

