صراحة نيوز -قال النائب فتحي البوات خلال مناقشة مشروع الموازنة العامة لعام 2026 إن ملف سكة حديد غور الصافي–العقبة أصبح مصدر قلق كبير لأهالي الأغوار الجنوبية، مؤكدًا أن الحكومة استملكت أكثر من 120 وحدة زراعية تعود ملكيتها لمزارعين شقّوا الأرض بعرق جبينهم واعتاشوا منها وعاش عليها أبناؤهم وأسرهم على مدى أجيال.
وأشار البوات إلى أن الحكومة تستند في قرارها إلى اعتبار المشروع ذا نفع عام ولصالح شركة البوتاس العربية، وأن وزارة النقل هي الجهة المالكة فيما تتولى شركة الاتحاد للقطارات الإماراتية تشغيله، مؤكدًا أن هذا المسار المالي والإداري يثير تساؤلات جوهرية حول الشفافية والعدالة.
وأوضح أن وزارة البيئة طلبت في 14 نيسان 2024 دراسة تقييم أثر بيئي شامل للمشروع وفق نظام التصنيف والترخيص البيئي، إلا أن القائم على الدراسة هو المستثمر نفسه، إذ كُلّفت دار الهندسة من قبل شركة الاتحاد للقطارات، وهو ما اعتبره البوات تغيبًا للحياد وافتقارًا للاستقلالية. وأكد أن مثل هذه الدراسات يجب أن تُشرف عليها وزارة البيئة بشكل كامل لضمان مطابقتها للمعايير وحماية المجتمع المحلي.
وأضاف أن عدم وجود أي مخصصات للمشروع في موازنة وزارة النقل يثير الاستغراب، متسائلًا: “كيف يمكن تنفيذ مشروع استراتيجي بهذا الحجم دون رصد مالي واضح؟”، كما تساءل عن كيفية السماح للمستثمر باختيار الشركة الهندسية ودفع المستحقات من طرفه في مشروع حكومي سيادي.
وبيّن البوات أنه يحذّر باسم دوره الرقابي بأن أي آثار أو كوارث قد تنتج عن المشروع سيحاسَب عليها كل من وقّع ووافق وأشرف، مؤكدًا أنه لن يتم التغاضي عن أي مسؤولية تُحمّل المشروع على حساب الوطن والمواطن. وأشار إلى أن الحكومة لم تستشر لجنة الزراعة أو لجنة البيئة والمناخ أو المجتمع المحلي في لواء الأغوار الجنوبية رغم أن قرار الاستملاك الذي صدر في أيلول 2025 كان صادمًا للمزارعين ودفعهم للتساؤل عن مصير أراضيهم ومواسمهم الزراعية.
وأكد أنه إذا كانت الحكومة ترى المسار الحالي هو الأكثر كفاءة، فعليها أن تخيّر المزارعين بين تعويض عادل أو استبدال أراضيهم بأراضٍ من المرحلة الثانية لمشروع سلطة وادي الأردن، لافتًا إلى أن عرض مساحة الاستملاك يصل إلى 450 مترًا وربما 900 متر، وهو رقم مقلق مقارنة بالمعايير الدولية التي لا تتجاوز 25–50 مترًا للخط الواحد، متسائلًا عن حاجة شركة البوتاس لهذه المساحة الضخمة.
وأشار البوات إلى أن الحديث عن استملاك أرض لصالح شركة البوتاس يجدد النقاش حول مسؤولية شركات البوتاس والبرومين تجاه المجتمع المحلي، مؤكدًا أن هذه الشركات نفذت مشاريع بقيمة تجاوزت 35 مليون دينار في السابق، لكنها بعد عام 2020 تراجعت بشكل كبير ولم يعد يصل من دعمها سوى القليل.
وأضاف أنه خاطب رئيس الوزراء سابقًا لتنبيه إدارات هذه الشركات إلى واجبها في التوظيف ودعم مؤسسات المجتمع المحلي، مؤكدًا أن أبناء الأغوار الجنوبية حُرموا من الوظائف العليا ومن التنمية المستحقة رغم أنهم أصحاب الأرض والحق.
ووضع البوات بين يدي الحكومة مطالب أبناء لواء الأغوار الجنوبية، وفي مقدمتها استملاك أراضٍ في غور الصافي لبناء مدارس جديدة نظرًا للاكتظاظ وارتفاع عدد السكان، وتزويد مستشفى الصافي بأطباء اختصاص وتحديث العيادات وتوفير أجهزة طبية تعهّدت الوزارة بنقلها دون تنفيذ حتى الآن.
كما طالب ببناء مركز صحي شامل في فيفا، وإنشاء مركز خدمات اجتماعية، وإعفاء المزارعين من فوائد القروض، وإنشاء شبكة صرف صحي، وإعادة النظر في تعرفة الكهرباء، وتوزيع المرحلة الثانية من مشروع وادي الأردن، وتحلية مياه الشرب، وبناء مركز صحي عسكري شامل يخدم اللواء.
واختتم البوات كلمته بالتأكيد على أن أبناء الأغوار الجنوبية صامدون لحماية أرضهم وحقوقهم، مطالبًا الحكومة بالتراجع عن إجراءات الاستملاك أو معالجة الملف بما يضمن العدالة ويحفظ كرامة المزارعين.

