معاليك .. الدولة لا تُدار بالهروب من السؤال

2 د للقراءة
2 د للقراءة
معاليك .. الدولة لا تُدار بالهروب من السؤال

صراحة نيوز – بقلم محمد القرعان
الدولة لا تُدار بالصمت، ولا تُبنى بتجاهل الأسئلة، ولا تُحمى بالهروب من الصحافة والإعلام.
الدولة تُدار بالوضوح، وبالحد الأدنى من الاحترام المتبادل بين المسؤول والإعلام، لأن الإعلام ليس خصمًا، بل مرآة للرأي العام.

ما جرى عقب اجتماع لجنة الطاقة النيابية لمناقشة مشروع التنقيب عن المعادن في منطقة أبو خشيبة، لم يكن تفصيلًا عابرًا، ولا مشهدًا بروتوكوليًا بلا دلالة.

نواب تحدثوا صراحة عن اتفاقية وُقّعت من قبل ممثل الحكومة (وزارة الطاقة) قبل عرضها عليهم، وعن شركة وُصفت بأنها “مجهولة”، وهي تساؤلات تمس جوهر الشفافية والمساءلة.

وللتوضيح، فإن ما جرى لاحقًا لم يكن التباسًا أو سوء فهم.
فعقب انتهاء الاجتماع وخروج وزير الطاقة من قاعة الاجتماعات، تقدّم إليه مراسل صراحة نيوز بشكل مباشر، وضع المايكروفون أمامه، رحّب به، وبدأ بطرح سؤال صحفي واضح.
إلا أن الوزير واصل السير دون أن يتوقف، ودون أن ينطق بأي كلمة، أو يعتذر، أو يطلب تأجيل الحديث، في مشهد موثّق بالصوت والصورة، ولا يحتمل التأويل أو الاجتهاد.

لسنا هنا بصدد محاكمة نوايا، ولا افتعال خصومة مع أي مسؤول.

نحن لا نطلب تصريحات فورية، ولا نسعى لإحراج أحد أمام الكاميرا.

لكننا نرفض – وبشكل قاطع – التجاهل.
نقبل أن يكون المسؤول ضعيفًا.
نقبل أن يكون مترددًا.
نقبل أن ينتظر التعليمات.
نقبل حتى الصمت المؤقت.

لكننا لا نقبل أن يتصرّف وكأن الإعلام غير موجود، وكأن السؤال لا يستحق حتى لحظة توقّف أو كلمة اعتذار.
لأن تجاهل الصحافة ليس قوة، ولا حنكة سياسية، ولا هدوء دولة.
هو ارتباك، ورسالة خاطئة، وسلوك يُسيء لصورة الحكومة أكثر مما يحميها.

حين يهرب المسؤول من السؤال، لا يهرب من الصحفي، بل من المواطن الذي يقف خلفه.
وحين يُقابل السؤال بالصمت المتعمّد، فإن الفراغ لا يبقى فارغًا، بل تمتلئه الشكوك، وتآكل الثقة، وتراجع الإيمان بالمساءلة.

في النهاية، المسألة ليست سؤالًا لم يُجب عنه، بل احترامًا لم يُقدَّم.
الدولة التي تثق بنفسها لا تخاف من السؤال.
والحكومة التي تحترم مواطنيها، تحترم إعلامهم.
الهيبة تُصان بالوضوح، وبالاعتذار عند الخطأ، وبالإيمان أن السؤال حق… لا إزعاج.

Share This Article