صراحة نيوز-رشا سفيان الأحمد
أصبح العالم الرقمي جزءًا لا يتجزأ من حياتنا اليومية، حيث غيّر أساليب التواصل، والعمل، والتعلم، وحتى بناء العلاقات. ومع هذا التحول الكبير، برزت الحاجة الملحّة إلى التمسك بالأخلاق الإنسانية والمهنية، لأن السلوك الرقمي لا يقل أهمية عن السلوك في الواقع، بل قد يكون تأثيره أوسع وأطول أمدًا.
وتشير الأخلاق الرقمية إلى مجموعة القيم والمبادئ التي تحكم تصرفات الأفراد عند استخدام الإنترنت ووسائل التواصل والتقنيات الحديثة. ومن أهم هذه القيم: الصدق، واحترام الآخرين، وحفظ الخصوصية، وتحمل المسؤولية. فإخفاء الهوية خلف الشاشات لا يبرر الإساءة أو نشر الشائعات أو التعدي على حقوق الآخرين الفكرية والمعنوية.
فالمهنية الرقمية تعني الالتزام بالسلوك المسؤول والمنظم عند العمل أو التفاعل عبر المنصات الرقمية. وتشمل احترام الوقت، والدقة في نقل المعلومات، والالتزام بآداب الحوار، والتمييز بين الرأي الشخصي والمعلومة الموثوقة. فالعامل أو الطالب أو صانع المحتوى يمثل نفسه ومؤسسته من خلال حضوره الرقمي، وأي تصرف غير مهني قد يؤثر سلبًا على سمعته ومستقبله.
ويواجه الإنسان في العالم الرقمي تحديات عديدة، مثل انتشار الأخبار الكاذبة، والتنمر الإلكتروني، وانتهاك الخصوصية، وسوء استخدام الذكاء الاصطناعي. وتزداد هذه التحديات مع سهولة النشر وسرعته، مما يتطلب وعيًا أخلاقيًا عاليًا وقدرة على التفكير النقدي قبل المشاركة و
يقع على عاتق الفرد مسؤولية كبيرة في مراقبة سلوكه الرقمي، والالتزام بالقيم الأخلاقية حتى في غياب الرقابة المباشرة. كما أن للمؤسسات التعليمية والإعلامية دورًا مهمًا في نشر ثقافة الأخلاق الرقمية، وتعليم الأجيال كيفية الاستخدام الآمن والمسؤول للتقنية.
فأخلاق الإنسان ومهنيته في العالم الرقمي تعكس وعيه وقيمه الحقيقية. فالتقنية أداة محايدة، لكن طريقة استخدامها هي التي تحدد أثرها الإيجابي أو السلبي. ومن خلال الالتزام بالأخلاق والمهنية، يمكننا بناء عالم رقمي أكثر احترامًا، وأمانًا، وعدلًا، يخدم الإنسان ويعزز تقدمه بدل أن يسيء إليه.

