صراحة نيوز-سجّلت عمليات إدراج الشركات في أسواق الأسهم بالشرق الأوسط تراجعًا بأكثر من الثلث خلال العام الجاري، لتصل إلى أدنى مستوياتها منذ عام 2020، في ظل الضغوط التي فرضها انخفاض أسعار النفط على اقتصادات المنطقة، وفق ما أفادت به صحيفة فايننشال تايمز البريطانية.
وأظهرت بيانات منصة المعلومات المالية “ديالوجيك” (Dealogic) أن الشركات في المنطقة جمعت نحو 6.5 مليارات دولار من خلال الاكتتابات العامة الأولية منذ بداية العام وحتى نهاية تشرين الثاني، مقارنة بـ9.9 مليارات دولار خلال الفترة نفسها من العام الماضي.
وتوقّعت الصحيفة أن تكون حصيلة الإدراجات للعام بأكمله الأضعف منذ عام 2020، حين لم تتجاوز العائدات 2.4 مليار دولار، في تراجع كبير مقارنة بعام 2022 الذي شهد اكتتابات عامة أولية بقيمة 22.5 مليار دولار عبر 62 إدراجًا.
وعزت فايننشال تايمز هذا التراجع، إلى جانب انخفاض أسعار النفط، إلى ضعف أداء عدد من الشركات المدرجة حديثًا، وتراجع وتيرة الخصخصة، بعد أن ساهمت طروحات الشركات المملوكة للدولة والإصلاحات التنظيمية المالية في انتعاش الصفقات عقب جائحة كورونا.
إعادة التقييم
ونقلت الصحيفة عن رئيس قسم الشرق الأوسط في شركة “كانتور”، علي خالبي، قوله إن التباطؤ جاء بعد “ارتفاع قوي للغاية”، مشيرًا إلى أن المستثمرين باتوا “يعيدون النظر في تقييماتهم”، ولم تعد الاكتتابات العامة الأولية تحظى بالإقبال نفسه كما في السابق.
وأضاف مدير صندوق التحوط “تشين كابيتال” في دبي، كارل طعمة، أن السعودية والإمارات “استفادتا من ثلاث أو أربع سنوات من الزخم الإيجابي”، مدفوعًا بضعف الاقتصاد الصيني، وقوة الدولار، إلى جانب “الإطار الهيكلي المرتبط بالإصلاحات” في دول الخليج الغنية بالنفط.
واستدرك طعمة قائلًا إن الصين أصبحت مجددًا وجهة جاذبة للاستثمار مع تحسن أدائها، في وقت يشهد فيه الدولار تراجعًا، لا سيما أمام عملات الأسواق الناشئة.
وحققت أسواق الإمارات في دبي وأبو ظبي هذا العام اكتتابات بقيمة مليار دولار فقط، مقارنة بنحو 6 مليارات دولار في العام الماضي، بعدما بلغت الذروة عند 12 مليار دولار في عام 2022.
كما انضمت شركة إدارة المرافق السعودية (EFSIM) هذا الشهر إلى قائمة الشركات التي ألغت اكتتاباتها العامة الأولية، بعدما سحبت طرحًا كان من المتوقع أن يمنحها قيمة سوقية تقارب 300 مليون دولار.
ويفضّل المستثمرون، بحسب فايننشال تايمز، الشركات المملوكة للدول، نظرًا لما توفره من توزيعات أرباح ثابتة وعوائد أكثر استقرارًا.
وقالت كبيرة مسؤولي الاستثمار في شركة “ويلثبريكس كابيتال بارتنرز” بدبي، أنيتا غوبتا: “نحن محظوظون في هذا السوق بوجود شركات تتمتع بعوائد توزيعات أرباح مرتفعة جدًا وأصول عالية الجودة”.
وفي المقابل شهدت أسهم عدد من أبرز الشركات التي أُدرجت العام الماضي تراجعًا ملحوظًا في أدائها.
وأوضح رئيس أسواق الأسهم في الشرق الأوسط وآسيا لدى “روتشيلد”، فينلي رايت، أن هذا التراجع خلق “حالة من الركود في السوق”، مضيفًا أن ذلك “يثير مخاوف المستثمرين بشأن مستقبل الشركات الأخرى التي تخطط للإدراج”.
وانخفضت أسهم شركة “طلبات” للتوصيل بنحو 25% منذ إدراجها في دبي في كانون الأول 2024، في أكبر اكتتاب عام أولي بمنطقة الخليج هذا العام، كما تراجعت أسهم سلسلة متاجر “لولو ريتيل” بنحو 40% منذ طرحها في أبو ظبي في تشرين الثاني من العام الماضي، في حين خسرت أسهم “سبينس” للبقالة نحو 6% منذ إدراجها في دبي.
طروحات السعودية
وتُعدّ السعودية، صاحبة أكبر اقتصاد في المنطقة، الأكثر نشاطًا في الطروحات الأولية حتى الآن، إذ انضمت 36 شركة إلى سوق “تداول” وجمعت نحو 4 مليارات دولار هذا العام، وهو مستوى قريب من العام الماضي، رغم تراجع مؤشر الأسهم بنحو 12% منذ بداية العام، بحسب فايننشال تايمز.
وتراجعت أسهم عدد من الشركات الكبرى المدرجة في السوق السعودية خلال العام الجاري، إذ انخفض سهم شركة الطيران الاقتصادي “فلاي ناس” بنسبة 17% منذ جمعها مليار دولار في حزيران، بينما هبط سهم شركة “يونايتد كارتون إندستريز” لصناعة التغليف بنحو 40% منذ طرحها الذي جمع 160 مليون دولار قبل ذلك بشهر.
وأكد رايت من شركة روتشيلد أن العديد من الشركات لم تنجح في تحقيق توقعات الأرباح التي أُعلنت عند إدراجها، مشيرًا إلى أن ذلك انعكس سلبًا وبشكل واضح على أداء أسعار أسهمها، وفق ما أوردته فايننشال تايمز.

