صراحة نيوز- أثار إعلان إسرائيل اعترافها الرسمي بإقليم «أرض الصومال» موجة واسعة من التحليلات حول دوافع هذه الخطوة، وارتباطها بحسابات وأجندة رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، لا سيما في منطقة القرن الأفريقي ذات الأهمية الإستراتيجية.
وكان نتنياهو قد أعلن، الجمعة، الاعتراف بـ«جمهورية أرض الصومال» كدولة مستقلة ذات سيادة، واضعًا القرار ضمن سياق «اتفاقيات أبراهام»، في خطوة قوبلت برفض شديد من الرئاسة الصومالية التي اعتبرتها انتهاكًا صريحًا لسيادة الصومال ووحدة أراضيه.
ويرى محللون أن الاعتراف الإسرائيلي ليس معزولًا عن إستراتيجية قديمة تعود إلى خمسينيات وستينيات القرن الماضي، حيث أولت إسرائيل اهتمامًا خاصًا بمنطقة القرن الأفريقي، قبل أن تعيد إحياء هذا التوجه خلال السنوات الأخيرة، لا سيما بين عامي 2010 و2011، وفق الكاتب والمحلل المختص بالشؤون الأفريقية عبد القادر محمد علي.
ويعزو محللون هذا الاهتمام المتجدد إلى عدة عوامل، أبرزها صعود حركات المقاومة في غزة وجنوب لبنان، وتداعيات الربيع العربي، إلى جانب تنامي الدور التركي في المنطقة. كما يشيرون إلى الموقع الجغرافي الحساس لإقليم أرض الصومال، المطل على خليج عدن ومضيق باب المندب، ما يمنح إسرائيل قدرة أكبر على مراقبة الملاحة البحرية ورصد تحركات الحوثيين في اليمن.
وبحسب هذه القراءة، فإن الاعتراف الإسرائيلي يهدف إلى تحويل الإقليم إلى كيان معزول عن محيطه الإقليمي، ليشكل موطئ قدم إسرائيلي في القرن الأفريقي. ويتقاطع هذا التقدير مع رؤية الأكاديمي المختص بالشؤون الإسرائيلية الدكتور مهند مصطفى، الذي يرى أن القرار يندرج ضمن مساعي إسرائيل للسيطرة على مسارات الملاحة في البحر الأحمر، ومواجهة النفوذ التركي، وتوجيه رسالة بأنها قادرة على إعادة رسم ملامح المنطقة والتحكم بإيقاع التحولات فيها.
في المقابل، يطرح محللون تساؤلات حول ما يمكن أن يجنيه إقليم أرض الصومال من هذا الاعتراف، إذ يشير الباحث في مركز الجزيرة للدراسات الدكتور لقاء مكي إلى أن الإقليم يسعى بالأساس إلى تعزيز أمنه والحصول على دعم تكنولوجي وزراعي. كما يطمح، وفق عبد القادر محمد علي، إلى أن تكون علاقته بإسرائيل بوابة للاعتراف الدولي، ووسيلة للحصول على دعم المؤسسات المالية والاستثمارية.
ولا يستبعد مكي وجود صلة بين الاعتراف الإسرائيلي ومساعي تهجير الفلسطينيين، في ظل تقارير عن عروض مالية محتملة مقابل توطينهم، لكنه يرى أن هذا السيناريو يواجه عقبات جوهرية، أبرزها الرفض الفلسطيني القاطع، وغياب الاعتراف الدولي بإقليم أرض الصومال.
وفي هذا السياق، كانت أسوشيتد برس قد أفادت في مارس الماضي بأن الولايات المتحدة وإسرائيل ناقشتا مع مسؤولين في ثلاث دول أفريقية مقترحات لتوطين فلسطينيين من قطاع غزة، شملت السودان والصومال وإقليم أرض الصومال، إلا أن السودان نفى موافقته، بينما قالت الصومال وأرض الصومال إنهما لا علم لهما بمثل هذه الاتصالات.
ويُذكر أن إقليم أرض الصومال يقع شمال غربي الصومال، وأعلن انفصاله من جانب واحد عام 1991، دون أن يحظى بأي اعتراف دولي، فيما تؤكد الحكومة الصومالية أن الإقليم جزء لا يتجزأ من أراضيها، وتعد أي تعامل مباشر معه اعتداءً على سيادة الدولة ووحدتها.

