العجوري : الاستثمار في الأردن لا يحتاج إلى مزيد من التصريحات،

3 د للقراءة
3 د للقراءة
العجوري : الاستثمار في الأردن لا يحتاج إلى مزيد من التصريحات،

صراحة نيوز- بقلم / المحامي حسام العجوري

يُعدّ الاستثمار الركيزة الأساسية لأي اقتصاد يسعى إلى النمو وخلق فرص العمل وتحقيق الاستقرار. وفي الأردن، ورغم ما يمتلكه من موقع جغرافي استراتيجي، وبيئة آمنة، وكفاءات بشرية مؤهلة، إلا أن الواقع يشير إلى مفارقة مقلقة: الاستثمار موجود، لكن حركته بطيئة، وكأن عجلة الاستثمار تدور فوق المسامير.
أولى هذه المسامير تتمثل في التعقيدات الإدارية وتعدد الجهات صاحبة القرار. فالمستثمر، منذ اللحظة الأولى، يصطدم بإجراءات طويلة ومتداخلة، وبتفسيرات متباينة للقوانين والأنظمة، ما يحوّل الطريق إلى متاهة تستنزف الوقت والجهد، وتضعف الثقة بالبيئة الاستثمارية.
وتزداد المشكلة عمقًا مع المدة الطويلة اللازمة لتوقيع الاتفاقيات والعقود، حتى بعد استكمال الدراسات والموافقات المبدئية. وفي عالم استثماري تحكمه السرعة والتنافسية، لا يُعدّ التأخير مجرد إجراء روتيني، بل عامل طرد حقيقي، يدفع المستثمر إلى إعادة حساباته، أو البحث عن أسواق بديلة أكثر حسمًا ووضوحًا.
كما يشكل تضارب الصلاحيات وغياب القرار الحاسم مسمارًا آخر في عجلة الاستثمار. فالملفات تُنقل بين الجهات، والقرارات تُؤجَّل، لا لغياب القوانين، بل للخوف من المسؤولية، فيتحول التنظيم إلى تعطيل، والحرص إلى شلل إداري.
ولا يمكن إغفال وجود عقبات غير معلنة، مثل تغيير الشروط أثناء التنفيذ، أو إعادة فتح ملفات سبق البت فيها، أو ربط بعض الموافقات باعتبارات لا تتصل مباشرة بالجدوى الاقتصادية. ورغم أن هذه الممارسات ليست عامة، إلا أن أثرها التراكمي بالغ الخطورة على سمعة الأردن الاستثمارية.
النتيجة الطبيعية لهذا المسار هي تردد المستثمرين أو انسحابهم، واختيارهم لوجهات إقليمية منافسة توفر سرعة القرار، واستقرار التشريعات، ووضوح الإجراءات. والخسارة هنا لا تُقاس بمشروع واحد، بل بفرص عمل ضائعة، ونمو اقتصادي معطل، وثقة يصعب استعادتها.
إن تحريك عجلة الاستثمار في الأردن لا يحتاج إلى مزيد من التصريحات، بل إلى إصلاح إداري حقيقي يقوم على تبسيط الإجراءات، وتوحيد المرجعيات، وتسريع اتخاذ القرار، وترسيخ مبدأ الشراكة مع المستثمر بدل التعامل معه بوصفه عبئًا أو مخاطرة.
الأردن قادر على أن يكون بيئة جاذبة للاستثمار لا طاردة له، لكن ذلك يتطلب إرادة تنفيذية واضحة، وثقافة إدارية تؤمن بأن الاستثمار لا يهرب من الدول، بل يهرب من البطء، والتعقيد، وغياب القرار.
فإما أن نُزيل المسامير من طريق عجلة الاستثمار،
أو نواجه السؤال الأصعب: لماذا يختار المستثمر أن تكون تجربته في الأردن… بلا عودة؟

Share This Article