الكرك صرخة غضب أم محضر إتهام

2 د للقراءة
2 د للقراءة
الكرك صرخة غضب أم محضر إتهام

صراحة نيوز- بقلم ماجد ابورمان

ما كتبه عبدالهادي راجي المجالي ليس صرخة غضب، بل محضر اتهام.
اتهام لمجلسٍ فقد صلته بالأرض، وبنوابٍ تحوّلوا من ممثلين للناس إلى سماسرة حضور، يظهرون في الولائم ويغيبون عند الكوارث، يتقنون الخطابة ويعجزون عن الفعل، ويجيدون التقاط الصور أكثر من التقاط الوجع.
الكرك لم تُخذل لأن المطر كان غزيرًا، بل لأن الرجال كانوا غائبين.
وحين تغيب المسؤولية، تصبح الكارثة الطبيعية فضيحة سياسية وأخلاقية.
نواب كان يفترض أن يجتمعوا في بلدية، في ميدان، في شارعٍ مكسور… فإذا بهم يتوزعون على موائد العشاء، كأن الكرك خبرٌ عابر لا مدينة جريحة.
وما قاله المجالي عن الكرك، ينطبق حرفًا على السلط. هذه المدن الثكلى المنكوبه بأبناءها..
السلط التي تآكلت طرقها، وتُركت بناها، وتحوّل تاريخها إلى ديكور، تعاني ذات المرض:
نواب يطلبون القرب من الوزراء أكثر مما يطلبون القرب من الناس،
ويقدّمون الولاء بديلاً عن الكفاءة،
ويستثمرون المعاناة لا لإنهائها، بل لتدويرها موسمًا بعد موسم.
نحن لا نعاني من نقص مبادرات، بل من فقر كرامة سياسية.
ولا نحتاج كسوة شتاء ولا حقائب مدرسية، بل مؤسسات تحترم الناس، ونوابًا لا يتسوّلون باسم المدن، ولا يحوّلون التاريخ إلى طلب وظيفة، ولا الكرامة إلى رسالة واتساب.
المقاطعة التي دعا إليها المجالي ليست نزوة، بل أدنى أشكال الدفاع عن الذات.
مقاطعة نوابٍ لو كان فيهم شيء من إرث الرجال، لما احتاجوا إلى دعوة كي يحضروا،
ولو كان فيهم شيء من هيبة المدن، لما تجرأوا على الغياب.
الكرك والسلط لا تحتاجان نواب لاندكروزر،
ولا خطب هيرمس،
ولا بطولات كرتونية.
تحتاجان من يحمل ثقلهما، لا من يتخفف منهما.
العلة ليست في المطر…
العلة فينا حين قبلنا بهذا التمثيل الهزيل،
وحين صفقنا للوهم،
وحين صدّقنا أن من لا يستطيع أن يكون رجل موقف
يمكن أن يكون نائب وطن.
#ماجدـابورمان

Share This Article