قراءة فنية في الفيضانات الأخيرة وبالذات في الطفيلة والكرك.

2 د للقراءة
2 د للقراءة
قراءة فنية في الفيضانات الأخيرة وبالذات في الطفيلة والكرك.

صراحة نيوز- بقلم الدكتور امجد الشباطات

أشكر الله أولًا على نعمة المطر، فهي رحمة وخير وليست سببًا للضرر بحد ذاتها، كما نشكر كل من عمل ميدانيًا خلال الحالة الجوية الأخيرة من كوادر البلديات والأشغال العامة والدفاع المدني والأجهزة الأمنية وكل من مدّ يد العون وأسهم في حماية الناس والممتلكات.

الفيضان من الناحية الهندسية لا ينتج عن عامل واحد، بل عن تداخل كميات وشدة الهطول مع معايير التصميم المعتمدة وكفاءة الإدارة والتنفيذ والصيانة، وغياب أي عنصر من هذه العناصر كفيل بحدوث المشكلة حتى لو لم يكن الهطول استثنائيًا.

ما حدث في الكرك والطفيلة وبعض مناطق الأردن لا يمكن تفسيره علميًا بأن شدة أو كمية الأمطار تجاوزت كل الأرقام السابقة، إذ لا توجد مؤشرات موثقة على تسجيل قيم غير مسبوقة، بل كان الهطول مكثفًا خلال مدد زمنية قصيرة، وهو نمط معروف ومتكرر في مناخ الأردن ويجب أن يكون محسوبًا في التصميم.

الإشكالية الأساسية تكمن في أن جزءًا من شبكات تصريف مياه الأمطار صُمّم على فترات تكرار منخفضة وقبل التوسع العمراني الحالي، مع اعتماد غير كافٍ على شدة الهطول وزمن التركيز، إضافة إلى زيادة الأسطح الصمّاء داخل المدن دون تحديث موازٍ للبنية التحتية، وتقييد مسارات الجريان الطبيعية، وضعف الصيانة التشغيلية، وتغيّر مناسيب الطرق ومداخل العبارات.

ومن الناحية الهندسية، فإن الفيضان قد يؤدي إلى غمر مؤقت أو تعطّل جزئي، لكنه لا يُفترض أن يسبب انهيار الشوارع أو العبارات، فمثل هذه الانهيارات تشير عادةً إلى قصور في التصميم الهيدروليكي أو الإنشائي، أو إلى تعرية وجرف للتربة أسفل طبقات الرصف أو عند مداخل ومخارج العبارات نتيجة سرعات جريان أعلى من القيم التصميمية، في ظل غياب أو قصور وسائل التحكم بالسرعة وتخفيف اندفاع المياه وحماية القواعد والمنشآت، إضافة إلى تنفيذ غير مطابق أو ضعف في عناصر الإسناد والتثبيت.

ما حصل يعكس خللًا متراكمًا في التخطيط والتصميم والإدارة الفنية عبر سنوات، ويستدعي الاعتراف بوجود فشل حقيقي والتعامل معه بجدية ومعالجة جذرية، لأن استمرار ظهور المشكلة مع كل حالة مطرية يؤكد أن جذور الخلل ما زالت قائمة ولم تُعالج من أساسها

Share This Article