سلامة الدولة من سلامة شعبها

5 د للقراءة
5 د للقراءة
سلامة الدولة من سلامة شعبها

صراحة نيوز- كتب: ماجد القرعان

من المسلم به أن كل دولة لها دستورها وقوانينها وأنظمتها التي تعتمد عليها لتسيير شؤونها. دولتنا، التي تنص المادة (1) من دستورها، بأن المملكة الأردنية الهاشمية دولة عربية مستقلة ذات سيادة، ملكها لا يتجزأ ولا ينزل عن شيء منه، والشعب الأردني جزء من الأمة العربية، ونظام الحكم فيها نيابي ملكي وراثي.

وتنص المادة (6) على:

  1. الأردنيون أمام القانون سواء، لا تمييز بينهم في الحقوق والواجبات وإن اختلفوا في العرق أو اللغة أو الدين.
  2. الدفاع عن الوطن وأرضه ووحدة شعبه والحفاظ على السلم الاجتماعي واجب مقدس على كل أردني.

فيما تنص المادة (7) على:

  1. الحرية الشخصية مصونة.
  2. كل اعتداء على الحقوق والحريات العامة أو حرمة الحياة الخاصة للأردنيين جريمة يعاقب عليها القانون.

وتنص المادة (17) على:

  • للأردنيين الحق في مخاطبة السلطات العامة فيما ينوبهم من أمور شخصية أو فيما له صلة بالشؤون العامة بالكيفية والشروط التي يعينها القانون.

وعلى هذا الأساس، فإن سلامة الدولة هي من سلامة شعبها الملتزم بدستورها وقوانينها وأنظمتها، فسلامتها واستقرارها مرتبط بشكل وثيق وكبير بسلامة نهج مواطنيها في حياتهم، وهو أساس قوة الدولة. فالسيادة ليست مجرد حماية داخلية، بل هي مسؤولية تجاه رفاهية الشعب وحمايته من الأزمات والانتهاكات.

والأمن الوطني الشامل، الذي يشمل الأمن العسكري، والاقتصادي، والاجتماعي، والبيئي، هو صلب أمن الدولة ويتأثر مباشرة برفاهية المواطنين.

وبالتالي، فإن الحرص على الأمن الداخلي ينعكس على الاستقرار السياسي والأمني، والذي يخدم مصلحة المواطنين ويحافظ على حياتهم وممتلكاتهم.

ولتحقيق التنمية المستدامة، يلزم توفير الخدمات الأساسية من جهة، وفرص العمل وتحسين مستوى المعيشة من جهة ثانية، وهو جزء أساسي لضمان سلامة الشعب ورفاهيته.

وباختصار، فإن مفهوم “سلامة الدولة سلامة شعبها” يُعبر عن العلاقة الجوهرية بين أمن الدولة وسلامة مواطنيها، وكليهما يعتمد على الآخر لبناء مجتمع قوي ومستقر.

أكثر ما يسهم في خلخلة السلم المجتمعي وجود أفراد بين عامة الشعب أو مناط بهم مسؤوليات وواجبات في إدارة شؤون الدولة يعمدون إلى الخروج على الدستور والأنظمة والقوانين بصور مختلفة طمعًا بمكاسب شخصية. وأكثرهم تمردًا هم من ينجحون في إقناع العامة بأنهم بمستوى صنع القرارات التي تهدد مستقبل الآخرين، وبالتالي نراهم يتبخترون بما كسبوه دون وجه حق، لكن ما أكثر الذين دفعوا الثمن باهظًا حين تم كشفهم وتعريتهم.

تعرية أمثال هؤلاء ليست بالأمر السهل بعد أن احترفوا التغول على موارد الدولة بـ(القانون)، لكن المواطن العادي معني، بل يتحمل جانبًا رئيسيًا من مسؤولية كشفهم، وأقلها ذكرهم بالأسماء خلال اللقاءات العامة وذكر أفعالهم الشينة وما كانوا عليه قبل أن يُصبحوا في مواقع صنع القرارات، على قاعدة “وما أُلِت إليه أحوالهم بين ليلة وضحاها” بكون حارتنا ضيقة والصوت الذي لا يصيب يدوش.

كثيرًا ما نسمع في المجالس: فلان واصل وفلان علاقته مع الهرم أو مع جهة رسمية نافذة، أو أن كلمته ما بتصير كلمتين. وأكثر من ذلك، تطاول البعض على أصحاب المقامات بأنه يعمل بدعم من صاحب المقام أو أحد أفراد عائلة أصحاب المقام، وهم براء من أفعالهم وصفاتهم. وبتقديري الجازم، لو وصلت هكذا معلومات إلى صاحب المقام، لما رأينا في الوسط أمثال هؤلاء المتصيدين والمستغلين للفرص.

أذكر بالخصوص الذين يبررون أعمالهم بأنها بناء على “أوامر جاءت لهم من فوق”، ونذكر جميعنا موقف جلالة الملك من هذه العبارة، حيث قال موجهاً كلامه للمسؤولين على وجه التحديد: إنه لا يوجد مصطلح اسمه “أوامر من فوق” في قاموسه، مشددًا على أنه لم يصدر أي من هذه الأوامر إلا في سياقها الطبيعي وبالطرق الدستورية، بما يتوافق مع القوانين والدستور، نافياً وبشكل قاطع كل ما يُنسب إليه بصورة صريحة أو تلميحًا للتستر خلفها، وأنه ليس ضوءًا أخضر لتبرير تصرفاتهم وأعمالهم وقراراتهم.

خلاصة القول، إن الدولة الأردنية التي تدخل في مئويتها الثانية، ما كان لها أن تستمر لولا أن حبانا الله بنظام سياسي وقادة من نسل المصطفى عليه الصلاة والسلام يتصفون بالحكمة والفراسة والإنسانية وبعد النظر، والدليل القاطع المكانة التي تحظى بها بين دول العالم. وأيضًا، لولا السمات المعروفة في شعبها بكافة قطاعاته، الذين عززوا الإنجازات بالبناء فوق ما بناه الآباء والأجداد، بالرغم من قلة الموارد والإمكانات وتأثير الأحداث المتلاحقة على مستوى الإقليم والعالم.

تحية محبة وتقدير وافتخار لنشامى جيشنا الباسل وكافة أجهزتنا الأمنية، وللمخلصين في كافة أجهزتنا الوطنية، فالوطن يكبر وينمو بسلامة شعبه

Share This Article