صراحة نيوز – كتب الدكتور رجائي حرب
صراحة نيوز – في ظل الظروف التي تحدق بالوطن، ومع تعاظم كرة اللهب المتدحرجة في ساحاته، ينبري عدد من الكُتاب الذين يجودون بمداد أقلامهم من مبدأ حبهم لوطنهم، وانحيازهم لشعوبهم، ودفاعهم عن المصالح العليا لدولتهم، فيكتبون منطلقين من قناعاتٍ تحركهم لتحقيق الهدف الأسمى وهو أمن الوطن واستقرارة والدفاع عن ثوابته الراسخة التي لا يحيد عنها أي أردني شريف، ولا يعلم بعضهم أن هذا التحرك بالقناعات إنما يحرك نوازع ذاتية تحيد عما كان يجدر مراعاته وهو النظر إلى المصلحة العليا لبقاء الوطن في حالة الاستقرار
ولا أريد أن يعتقد البعض وأنا أكتب هذه السطور بأنني أدافع عن حكومة جانبت الصواب مثلها مثل رفيقاتها السابقات في العقد الماضي من عمر هذه الدولة الفتية التي تستحق التفاني والعطاء الزاخر،
ولا أريد للقاريء أن يعتقد بأني راضٍ كمواطن شريف يحب وطنه أكثر من نفسه عن إدارةٍ غير واعية تقود الوطن إلى المجهول، وتبتعد عن مواطنها الذي الأولى أن تقترب منه حتى يكون خط دفاعها الأول دائماً
إننا في هذا الوطن الذي بنيناه يوماً بيوم، ومدماكٍ وراء مدماك، وزينا حيطانه برياحين الفخر والكبرياء وألوان السعادة والنقاء؛ ويوماً بعد يوم أنجبنا أجيالاً تحمل راية المجد والسؤدد المغروسة في روابينا لدخول المستقبل بكل جدارة واقتدار؛
نؤكد على انطلاقنا في النصح من مكنون الآية الكريمة (( وَلْتَكُن مِّنكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ وَأُولَٰئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ))، وعلى حرمة الدم والممتلكات والأعراض والأموال في كل مناحي المملكة، وعلى الجميع أن يتحمل مسؤولياته الوطنية، وأن كل مؤسسة تم حرقها أو تم الاعتداء عليها، وكل آلية تم تكسيرها، هو مُلك للوطن ومُلك لكل مواطن، وبالتالي فلا يجوز هذا التخريب المتعمد، وهذا الاعتداء السافر على هيبتنا جميعاً، ولا بد أن تتحمل الحكومة مسؤوليتها وتقدم استقالتها لجلالة الملك لأننا كمواطنين لا نرضى بأن تبقى هذه الحكومة التي لم تقدم ما يكفي لحماية المواطنين، ولن نرضى أن تستمر في حمل المسؤولية وهي المقصرة أصلاً؛
وهنا ومن خلال هذه المقالة، فإنني أتوجه أنا وكل المحبين لهذا الوطن من مثقفين ومفكرين وسياسيين وإعلاميين وشرفاء على امتداد الوطن؛ والراغبين باستمرار الوطن كأجمل حاضنة لهذا الشعب المخلص؛ نتوجه إلى جلالة الملك ( عبدالله الثاني ) ابن الحسين الباني وحامي الوطن والمدافع عن مصالحه بالمقترحات التالية كحلولٍ مبدأئية للأزمة يمكن أن يبنى عليها المزيد:
1- إقالة الحكومة وفوراً
2- إصدار القرار المصيري بجمع مبلغ مليار دينار وبصورة عاجلة من الودائع الوطنية والمؤسسات الخاصة التي تساهم فيها الحكومة بالقطاع الخاص، ومن حصة الحكومة في الهيئات المستقلة؛ لدعم الوقود وتثبيت أسعاره عند الحد الذي يتم من خلاله سداد ثمن تكلفته على حساب الضريبة الخاصة المفروضة عليه، والتي ترهق جيب المواطن
3- التوجه شخصياً بشخص جلالة الملك المُقدَّر إلى الإخوة في دول الخليج لتفعيل المنحة الخليجية بصورة عاجلة، والتي تقدر بخمس مليارات دولار سنوياً، والتفاوض معهم لتطويرها وزيادتها وزيادة القطاعات التي ستغطيها لشمول رواتب الموظفين ليصار لزيادتها سنوياً، من مبدأ الاحترام المتبادل والتعاون العربي المشترك والوقوف إلى جانب الأردن في أزمته والتي طالما قدم الأردن الدعم لأشقائه في أزماتهم
4- التوجه شخصياً بشخص جلالة الملك إلى أصدقاء الأردن الكُثُر على المستوى الدولي والمنظمات الدولية لتعزيز برامج المساعدات لتحمل أعباء اللاجئين ودعم خطة الاستجابة التي يراجعها الأردن دورياً، ويقدم مدى تأثيراتها على الوضع الداخلي للمجتمع الدولي يوماً بيوم، والتي تُلقي بظلالها على الوضع الاقتصادي في الأردن. وحتى يبقى الأردن الواحة الآمنة التي يثق بها المجتمع الدولي لاستيعاب المتغيرات في المنطقة
5- مراجعة بعض الضرائب التي تم فرضها على امتداد الحكومات السابقة والتي فاقت التوقعات في ضررها على المواطن وعلى الوضع الاقتصادي لتخفيف الأعباء الضريبية على المواطن
6- زيادة رواتب موظفي الدولة المتهالكة بمبلغ يشعر المواطن من خلاله ببعض التحسن المرحلي في حياتهم اليومية
7- تفعيل دور هيئة النزاهة ومكافحة الفساد للضرب بيد من حديد على يد كل من تسول له نفسه من المسؤولين وأرباب السلطة الحاليين والقادمين بالعبث بالمال العام، وتقديم المسؤولين السابقين ورؤساء الوزارات للمساءلة لمعرفة الأسباب التي أدت لرفع المديونية بهذه الصورة اللامنطقية
8- إضطلاع مجلس النواب بدوره الوطني، وتشكيل لجان متابعة لمتابعة كل ما تم ذكره آنفاً، كونه السلطة التشريعية المضطلعة بمهمة الرقابة على سير العمل في كل مؤسسات الدولة؛ والقيام بدوره في تشريع القوانين. والتنويه لنقطة مهمة، وهي أن مجلس الأمة ما زال قاصراً عن القيام بواجباته ومجمل الأردنيين غير راضين عن أداء هذه المؤسسة الوطنية التي تمثل السلطة التشريعية ولم تصل لمستوى طموحاتهم
9- قيام وزارة الزراعة بدورها ونحن على عتبات فصل الشتاء بدعم المواطنين لحراثة أراضيهم وزراعتها بكافة المحاصيل لتحسين مستوى المخزون الغذائي، وحفر الآبار لتجميع مياه الأمطار، كون التوقعات الدولية تنذر بمزيد من نقص الغذاء على المستوى الدولي في المرحلة القادمة، وهذا سيخفف من معاناة المواطنين في الأعوام القادمة
10- تكليف جلالة الملك لرئيس حكومة جديد، ليس من الأسماء السابقة والتي فقدت مصداقيتها أمام المواطنين؛ وعلى أن يمنح رئيس الحكومة القادمة مبلغ لا يقل عن ملياري دينار لتنفيذ برنامج الحكومة الذي اعتدنا على قراءته عند تكليف أية حكومة جديدة
11- أن يطلب جلالة الملك من رئيس الحكومة الجديدة التقدم بخطة استراتيجية وخطة عمل لتنفيذ البيان الوزاري يزرع الثقة عند المواطنين ويبين لهم أن منهجية جديدة قد بدأت تدب في شرايين الدولة وقادرة على الاستمرار من جديد
إن المناداة بتشكيل حكومة إنقاذ وطني أصبح مطلب شعبي وضرورة ملحة، ولكن هذا المصطلح فيه نوع من التعدي على هوية الدولة التي ما زالت قائمة، وما زالت مؤسساتها تمارس عمله رغم ما يشوبها من خلل في بعض قطاعاتها، ولكن دعوة جلالة الملك لشخصية بعيدة كل البعد عن الانغماس بالفساد أو معايشة مجتمع الفساد والمؤامرات، ومن الوجوه الجديدة ويؤدي دوره بكل كفاءة واقتدار سيكون بمثابة حكومة انقاذ حقيقية تعمل في تبني إطار إصلاحي وتنفيذي حقيقي ولديها الولاية التي تخولها تنفيذ الاصلاح المنشود الذي يأملة وينشده المواطن سيكون بديلاً عن المناداة بحكومة إنقاذ وطني
إن تعطل عجلة الاقتصاد وتوقفها لأكثر من عشرة ايام، وازدياد نطاق الإضرابات والإعتصامات، يلقي بظلاله المشؤومة علينا جميعاً؛ ما يستدعي الإسراع في لملمة أشلاء الأزمة وتفتيت كرة النار واحتوائها بحكمة الراغبين الحقيقيين بحل أزمة البلد؛
لقد آن الآوان لاحتضان البلد من جديد من قبل الشرفاء؛ فالأوطان لا يقودها الصغار ولا الواهمين ولا المرجفين ولا المتنطعين بل الوطنيين الشرفاء الذين صدقوا ما عاهدوا الله عليه في مسيرة حياتهم؛ لأن مثل هذه الأزمات يجب أن تقوينا لا أن تقضي علينا، ورغم خساراتنا الكبيرة في شهيدنا الغالي الأخ العقيد المرحوم عبدالرزاق الدلابيح رحمه الله وعظم أجورنا بفقدانه وإصابة بعض زملائنا من الأجهزة الأمنية وتخريب العديد من الممتلكات، فإنه بإمكاننا أن نبدأ من جديد، وأن نقف على أقدامنا وإعلان أننا تجاوزنا سابقاً العديد من المحن، والعديد من اللحظات المصيرية في الأردن وأننا دوماً نخرج منها بكل اقتدار
وما زيارة جلالة الملك لبيت عزاء أخونا العقيد عبدالرزاق رحمه الله في مضارب أهلنا عشيرة بني حسن، وذهاب جلالته ليلتقي بأهله وتقديم واجب العزاء بهذا الحادث الجلل إلا تأكيداً على رغبة الأردنيين جميعاً بحل المشكلة وقطع دابر المندسين والراغبين بتلويث مدننا وقرانا ومخيماتنا برايات الشؤم، وأنه ليس منا لا سمح الله من يعادي الدولة أو نظامها أو يريد الشر لأهلها
إن الأردنيين وهم يواجهون تحديات العيش الضنك ما زالوا يأملون بغدٍ مشرق؛ وهم فعلاً يستحقونه، ولن نرض باستمرار هذا الحال المائل، وسنبقى على العهد بتقديم الحلول والبرامج حتى ينقضي هذا الليل المدجج بخبث الفساد الذي تراكم على أيدي مَنْ لم يصن أمانة المسؤولية والتي ننتظر الفرصة لتقوم مؤسساتنا القضائية بمحاسبتهم ومعاقبتهم لتشفى صدور الأردنيين
إننا كناصحين لجلالة الملك ونحن إخوته وأبنائه ومجمل شعبه لنؤكد على أن الفرصة ما زالت موجودة للقيام بما يمليه الضمير بتنفيذ المقترحات بأعلاه ليبدأ فجرٌ جديد يكون فيه الأردنيون معززين مكرمين وليس فيهم غالبٌ ولا مغلوب
حمى الله الأردن وأدام عزه ومجده
16/12/2022