دابوق .. ليست كأي مِنطقة .. او سوق

8 د للقراءة
8 د للقراءة
دابوق .. ليست كأي مِنطقة .. او سوق

صراحة نيوز – كتب عوض ضيف الله الملاحمه

عَمّان الحبيبة ، مِن أغرب عواصم العالم . تَفرِز وتُصنِّف ساكنيها حسب موقعهم الوظيفي . تصوروا ان مدينة تتبع هذه السياسة ، ولا أدري هل يتم ذلك تلقائياً ، أم أنه فرزاً للسُكان حسب مستوياتهم الوظيفية !؟ مع أنني أميل الى أنه فرزاً مخططاً له ولم يتم بشكل عشوائي ، خاصة في العقدين الماضيين . مُدن العالم تفرز سكان ضواحيها حسب ملائتهم المالية ، فتجد مناطق للأثرياء ، ومناطق للطبقة الوسطى ، ومناطق للطبقة الفقيرة المسحوقة . لكن دابوق أغلب ساكنيها بأحسن أحوالهم يمكن إدراجهم ضمن الطبقة الوسطى ، قبل تقلُّدِهم مناصب رفيعة في الوطن ، لكنهم سكنوها ليس بأموالهم وإمكاناتهم الشخصية ، وقدراتهم المالية ، بل تجرأوا وقفزوا ، او تم تقفيزهم ، وسكنوها بأموال الشعب التي تحصّلوا عليها بسرقات ، وبهبات ، وعطايا دون وجه حق .

مع أنني أرى ان تجميع كل كبار المسؤولين السابقين والحاليين في منطقة واحدة يعتبر خطأ كبيراً ، لا بل وخطيراً جداً ، خاصة لو داهم الوطن أي خطرٍ ليس بالحسبان . مع أنني لستُ رجل أمن ، ولا معرفة لي بشؤونه وفنياته ، لا بل إن قدراتي الشخصية تفتقر لِلّحِسْ والحَدس الأمني .

مِما تختزنه ذاكرتي عن عمّان ، ان الصفوة كانوا يقطنون جبل اللويبدة ، ثم إنتقلوا الى جبل الحسين ، ومنه الى الشميساني ، ثم الى عبدون ، والآن الى دابوق ، ولا أدري هل ينطبق عليها ما ينطبق على كل مناطق الوطن !؟ وهل يجوز ان نُطلِق عليها دابوق العز ، كما تغنى الشعراء وقالوا : عمان العز ، وإربد العز ، وكرك العز ، وسلط العز .. الخ . أرى لا بل أجزم أن اي منطقة في عمان الحبيبة تستحق ان نُطلِق عليها منطقة عز مثل : ماركا العز ، تاج العز ، هاشمي العز ، طبربور العز ، يادودة العز ، صويلح العز ، جبيهة العز .. وغيرها ، بإستثناء دابوق ، لأنها ليست منطقة عِز ، وأن الأصح ان نطلق عليها : دابوق النهب والسلب لمقدرات الوطن .

ما حدث ويحدث في دابوق من فرز سكاني ، أعتبره خطيراً ، ومكشوفاً لدى كل ذي لُبّْ . وهذا التوصيف لما يأتِ عبثاً أبداً ، وللتوضيح لاحظوا معي : معظم رؤساء الوزارات تم تقديم قصر منيف لكل واحدٍ منهم كمكافأة على مساهمتهم في تدمير الوطن وإفقار المواطن . وأعداداً ليست بسيطة من الباشوات مُنِحوا قصوراً كهِبات ، ولا أدري لماذا !؟ ولماذا تم الإغداق عليهم بهذا السخاء مع ان معظم الباشوات الذين خدموا الوطن بشرف وأمانة وإخلاص في جيشنا العربي الباسل ، وأجهزتنا الأمنية الأبية ، هم بيننا ، ومِنا !؟ كما ان عدداً من رؤساء الديوان الملكي مُنِحوا قصوراً في دابوق . وكذلك عدداً ليس بسيطاً من الوزراء مُنِحوا قصوراً ، كمكافاة على قصورهم في الأداء أثناء خِداعهم وسلبهم للوطن . طبعاً من الضروري التوضيح بانه ليس كل سكان دابوق من الفاسدين مطلقاً . فمنهم من سكنها قبل إختيارها مَلَمّاً للكثير من الفاسدين ، ومنهم من إختارها تَمَسُّحاً بالسلطة وتقرُّباً منها . ومنهم من سكنها بقدرته المادية — فهنيئاً له ، ومبارك عليه ، وأدعو الله ان يعطيه المزيد حتى يرضيه ، إذا كان مالاً حلالاً فقط — ومنهم ، ومنهم .. الخ .

لاأدري ، هل تلك الطبقة الفاسدة تشعر بالقرف منا ، والترفع عن الإحتكاك مع عامة الشعب !؟ مع انها لولا هذا الشعب المسخوط ، المقرف ، المتخلف ، العبيط ، الغبي ، الذي يستاهل الضرب في الكندرة ، الذي لا يعجبه العجب ولا الصيام في رجب — حسب توصيافتهم لنا — لما إستطاعوا بناء إمبراطورياتهم المالية ، والوجاهية ، وان الدليل على غباء هذا الشعب انه لم يفهم ان دوره محدداً بإفراغ ما في جيوبه ، وهو ليس أكثر من بقرةٍ حلوب لتلك الصفوة التي أغلبها من الساقطين ، الفاسدين ، الذين ساهم كل واحد منهم بقدر معين في تدمير الوطن .

رأيت أنه من الضروري — ومن منطلق إنساني — تنبيه هذه الطبقة الفاسدة من التجمع ، وتجميع سُكناهم في منطقة محصورة ، محدودة ، صغيرة ، وتكاد تكون ساقطة أمنياً ، كسقوط معظم ساكنيها . مع أنني لست أكثر من مواطن بسيط ، متخلف ، محدود التفكير والقدرات — كما الشعب الذي يُشرفني ان أنتمي اليه — لا بل انه شعباً بيرفع الراس ، ولا تنقصه الا كرامته المسلوبه ، وعِزّتهِ المفقودة، وأمواله المنهوبة .

وأختم مكرراً النصيحة ، بأن الزمن غدار ، ومُتغير ، ومن الخطأ الركون اليه . وعليهم الإتعاض مما حصل لقوم لوط ، الذين خَسف ربُّ العزة بهم الأرض ، وجعل عاليها سافلها ، الذين كان جزائهم من نوع أفعالهم الإنحلالية ، غير الأخلاقية ، الساقطة بكل المقاييس الدنيوية والأُخروية . أعرف بأنهم لا يؤمنون بالإسلام ولا بأي دين سماوي ، ولا حتى أي دينٍ وضعي ، لأن ما أُتيح لي وقرأته عن البوذية والهندوسية لديهما بعض الضوابط الأخلاقية . ولأن فُجرهم زاد عن قوم لوط لأنه كان لديهم موبقة واحدة والكل يعرفها ، أما معظم سكان دابوق فقد تعددت موبقاتهم .

أعلم ، لا بل أنا كلي ثقة بأنه لن يتم الإلتفات لنصيحتي التي ربما يرونها ساذجة ، وأنا أراها نصيحة حصيفة . أنصح من سكن دابوق بماله الحُرّ الحلال ، ان يهجُرها ، غير آسفٍ عليها الى أية منطقة في عمان الحبيبة . دابوق ، معظم ساكنيها بوق لكل ما لا يليق بأُردنِ العزّ الذي ضيعوه ، وأهانوا مواطنية . هل نُفِخَ لسكان دابوق بالبوق ليتجمعوا فيها ، لقواسم موبقة مشتركة بينهم !؟ الله وحده يعلم . أحياناً أربط دابوق باللهجة المصرية ، والفظها ( دَه بوق ، أي هذا بوق ) ، وعليه أربطها بالبوق ، واري ان بوق و( كوبان او بوقان ) قريبتان من بعضهما ، ويخطر ببالي أُغنية (( تخسى يا كوبان او بوقان .. )) ، وبوقان لا تعني اللص فقط ، بل الخائن ، المخادع ، هذه الأغنية الشعبية التي كان يعشقها الأردنيين لأنها من تأليف الراحلين العظيمين والرمزين الأردنيين الشهيد / وصفي التل ، والقائد المتفرد / حابس المجالي . لا أدري !؟ ربما أنهم تجمعوا بأمرٍ رباني ، داعياً ان لا يؤخذ الصالح بذنب الطالح . كما أنني لا أدري كيف خطر هذا الموضوع ببالي !؟ مُعتذراً من القراء الأفاضل ان يعتبرونها مجرد شطحة ، او كشف عورة ، لا يهم ، ولهم الخيار . وأختم بقول الله تعالى : (( إنَّا مُنزِلُونَ على أهلِ هذه القريةِ رِجزاً من السَّماءِ بما كانوا يَفْسُقُونَ )) صدق الله العظيم ، سورة العنكبوت ألآية ٣٤ .

Share This Article