الخجل..او الحياء …او الكسوف

5 د للقراءة
5 د للقراءة
الخجل..او الحياء …او الكسوف

صراحة نيوز – ا.د إدريس آل عزام

الخجل مرض يعاني منه الكثيرون في المجتمع الاردني ، وبخاصة الارياف والمدن ، مع فروق طفيفة بينها ٠ وهو معيق خطير للنجاح بشكل او بأخر ، بهذا الموقف او ذاك ٠ والخجل بالمعنى المطروح هنا ؛ هو خشية تنتاب هذا الشاب او الفتاة ، من ان يطلع الاخرون على عيب فيه ، او على مايظن انه عيب فيه ٠ قد يكون ذاك العيب جسديا ماديا ، او معنويا ، لكن يمكن الشعور او احساس الاخرين به ٠ وقد يكون وهميا او حقيقيا ، وليس لمثل هذه الحالة او الشعور من معنى ؛ الا انها دالة واضحة على ان تقدير الفرد لذاته هو تقدير سلبي
، مقارنة بالآخرين ٠او كما يقال بالعامية شعور الفرد ( بالدونية ) مقارنة بالآخرين ٠ بمعنى انه اقل من اولئك الاخربن . وهذا قد يكون صحيحا من الناحية الموضوعية احيانا ، وقد لايكون صحيحا في احيان اخرى ٠ لكن بحالة الخجل ، فان الفرد يبالغ في تقييم الآخربن ومكاناتهم وقدراتهم ، بل وفي تأثيراتهم المحتملة على مصالحه ، الى درجة يرى معها صفاته وخصائصه ناقصة وسلبية مقارنة بهم ٠ وهذا ظلم للذات ، مدفوع اليه بدوافع نفسية قاهرة من جهة ، وتعظيم لمن لايستحق من الاخرين من جهة ثانية ، او وتعظيم مبالغ فيه لبعض الاخرين ، لو كانو يستحقون ٠ اما هو او هي ؛فيظل في كل الحالات ظالما لنفسه ٠ ولا عذر له ، الا انه ضحية تنشئة اجتماعية خاطئة ٠ إن جذر هذا المرض يكمن في التنشئه الاجتماعية الخاطئة٠ ابتداء بتنشئة الاسرة ، وانتهاء بباقي المؤسسات التي يتعامل معها الفرد منذ طفولته ٠ فالاسرة القامعة ، تزرع المرض بداية ٠ وهي التي تتعامل مع الفرد منذ طفولته
، باسلوب القمع والتمييز ضده..اذ لاتسمح له بالدخول على الكبار ، او الحديث معهم ، او الاكل معهم ٠ وتسمعه من الاقوال مايشعره بالكره او الاحتقار او الازعاج٠ وتسمعه من الصفات ماهو سئ منها. او يفهم منها بانه اقل من غيره ذكاء او نشاطا ، ( اي اترابه من الاطفال) ٠والسخرية منه ، والاستهزاء به بهذا الشكل او ذاك ، واطلاق الالقاب عليه ذات المعاني السلبية ، او مقارنته باخرين من ذوي الاعاقات ، وتتذمر من كثرة تساؤلاته مع انها صفة ايجابية ، وتساؤلات مشروعة ، مهما بدت للكبار …..إن اسرة تتصرف مع اطفالها هكذا ؛ لاتربي ابناء لها ؛ بل اعداء يتقبلون صامتين تصرفاتها معهم ، في ضعفهم.. فما ان يشبوا و يكتسبون القوة ؛يظهرون الثورة والتمرد عليها ، كلما سنحت لهم فرصة لذلك ٠ لكنهم يخرجون فاقدين للثقة بانفسهم ، عاجزين عن الصمود اما م الآخرين ، وبخاصة في مواقف القيادة ٠ وان صمدوا فبصعوبة بالغة ، وتكلف مكلف غير مريح ، لا لهم ولا للآخرين في الموقف ٠ الى جانب الاسرة ؛ تاتي ثقافة المجتمع( القامع ) ، التي تشكل رديفا داعما للاسرة القامعة للاطفال ٠ بل ان الاسرة القامعة ؛ هي انعكاس لايكذب للمجتمع القامع ٠ ففي المجتمع الأرني على العموم ، ثناء وتشجيع على الخجل ٠ بل انهم يعدونه من ضمن ماينبغي تقديسه ، كفرع من فروع العبادة ٠ وليس من غير الصعب تقبل مثل هذا المنطق ، لا علميا ولا عقليا بالبداهة ، رغم تدرعه بدرع لاهوتي قامع للعامة ٠ فالفرد الخجول ، ذكرا كان او انثى ؛ هو المؤدب على حد زعمهم ، وغيره ليس كذلك…وهذا بهتان واضح ٠ فالخجل الشديد احيانا مهما سميته ودافعت عنه ، يظل انكسارا وضعفا امام الآخرين ٠ ومطلوب من الانسان وبخاصة المؤمن…كما يعلمون..ان يكون قويا لايخشى ولا يحسب حسابا الا للخالق ، بمعنى ان لامخلوق يستحق ان ينكسر امامه الانسان ويتضاءل حد الضعف ٠ اما اللياقة والتأدب والاحترام ، وحدود كل ذلك ،التي قد يتذرع بها ، من قد لايتفقون مع المطروح : فتلك قصة اخرى وشئء مختلف عن الخجل ، بل صفات او سلوك حميد يختلف عن الخجل ٠ لانها تعني معرفة الحدود ، والوقوف عندها ، وعدم تجاوزها عدوا اوبغيا ؛ لكن دون انكسار يتماهى مع الذلة ٠ وهذه صفة بل مهارة سلوكية محمودة ، لاعلاقة لها بالخجل ( المرض ) ٠ واخيرا..تلك اسباب الخجل ، ومعناه ، ومظاهره واثاره ٠ إن معرفة كل ذلك…هي بذاتها الدليل الى العلاج لمن اراده . والله الموفق ٠

Share This Article