صراحة نيوز- د إعلام حمزة الشيخ حسين
ترجع بي الذاكرة إلى ما قبل ثلاثة سنوات عندما كانت امي حية ترزق …كانت ملكة دنيتي فكنت أرى كل شئ جميل بعيونها فهي ولدت في دمشق عام ١٩٢٥م و تزوجت ، وهي ذات ١٤ ربيعاً من والدي وأنجبت ٦ من الذكور ومثلهم من الإناث .
وكان أن مَنّ الله علي أن وضع حبها الشديد في قلبي فكانت لدي كالجوهرة المتلألأة التي لا ينضب إشعاعها …
كنت في العاشرة من عمري عندما سقطت أمي وهي تتسلق سلم خشبي وفقدت الوعي لمدة ١٤ يوماً ، كنت طفلاً صغيراً فرفعت يدي بالدعاء إلى الله متوسلاً ربي أن يشفيها وترجع للبيت فبدونها لا أستطيع العيش في هذه الدنيا ، الحمد لله الله أستجاب دعوتي ….فبقيت أدعو الله كل ليلة أن يطيل الله عمرها لعقود طويلة … فكانت صديقتي ورفيقتي وأمي وكل شئ جميل في حياتي إلى أن جاء شهر رمضان قبل ٣ سنوات ففي أول آيام الشهر الفضيل انكسر غصن الشجرة الذي على باب بيتي بدون سبب ، بعدها بيوم أو يومان أمي توعكت صحياً فلازمتها في الدخول ، والخروج من المستشفى لكن لم أتصور أن أمي سوف تودعني وهذا مرض الموت إلى أن شارف الشهر المبارك على الأنتهاء ففي منتصف الليل أخذتها مرة أخرى إلى المستشفى لكن حدث شئ غريب وهو أنه كسرت الشجرة التي تتطل على شباك غرفة نوم أمي هذه الإشارة كانت لقرب موت أمي كما التي حدثت على باب منزلي في أول الشهر المبارك …
في أخر يوم من شهر رمضان الساعة التاسعة صباحاً تقريباً دخلت على غرفة أمي في العناية الحثيثة كانت أمي قد سلمت روحها الطاهرة إلى بارئها …نظرت إليها لأول مرة في حياتي أمي لا تتحرك ..انا الذي حييت في هذا الدنيا لأمي فقد كنت خادماً لها، وصديقاً ،ومؤنساً، ورفيقاً …فصليت عليها عصراً وواريتها التراب بيدي… أقترب آذان المغرب إيذانا بالفطور ، ونهاية الشهر المعظم المآذن تطلق تكبيرات العيد، وانا أبكي عيداً بلا أمي .. فقد كانت أماً، واباً وصديقاً، ورفيقاً ..
ما بعدك يا أمي عمراً ليس كما كان في عهدك يا أمي فكنت الزهرة والمسك والريحان الذي تفوح رائحته في الدنيا كلها .
ما قبل موت أمي وما بعده ..
