هل التهجير هو المصير .. والنكبة الثالثة ؟ وأين الأردن من هذا ؟

8 د للقراءة
8 د للقراءة
هل التهجير هو المصير .. والنكبة الثالثة ؟ وأين الأردن من هذا ؟

صراحة نيوز- عوض ضيف الله الملاحمه

ستضع حرب العدو الصهيوني البشعة ، الإجرامية على غزة أوزارها . وستنجلي حقائقها . وتتكشف أهدافها الخفية . وهل تتسق مع ما ظهر من أهداف وغايات ؟ كما ستتضح الجهة او الجهات التي حفّزت ، وموّلت ، وأشارت وخططت لهذه الحرب . وسيتبين هل هناك إختراق للمقاومة ؟ وهل هناك جهة او جهات أبلغت الكيان الصهيوني بوجود تحرك مُريب لحماس ؟ وسيتضح حقيقة مبادأة او مفاجأة حماس بالعملية . وستتم الإجابة على سؤال هام وخطير : إذا كان العدو الصهيوني على علم بعملية حماس ، لماذا لم يتحرك ، ويبدأ الهجوم لإجهاض خطتها ؟ وهل خُدِع العدو ، ولم يكتشف مئات المظليين وهم في أجواء الأراضي المحتلة والسماء تعج بإلأصوات العالية لمحركات المظلات ؟ وهل يثبت ما أشار اليه بعض المحللين بان العدو كان على علم بالعملية وإنه لاذ بالصمت ليستدرج حماس ويجرّها لما هو أبعد من خطتها ، ويستغلها لتنفيذ مخططاته الأبعد والأعقد والأخطر ؟ واذا تفاجأ العدو فعلياً بالعملية : لماذا مكث مدير الشاباك ، ومدير الموساد في مكاتبهما ، ولم يغادراها لثلاثة أيام متتالية ؟

أرجو من القراء الكرام تقبُّل طرحي لأسئلة كثيرة ، ليس لها إجابات قاطعة ومقنعة حتى اللحظة . وللعلم فان التركيز على طرح الأسئلة يفيد أكثر من إيراد إجابات قد يكون بعضها او ربما أغلبها غير صحيح ، او غير دقيق بالحد الأدنى .

قبل ان أبدأ بالحديث عن عنوان المقال ، أرجو ان أؤكد بان حلّ الدولتين يستحيل تطبيقة . ورأيي هذا يستند الى معطيين او حقيقتين أكيدتين هما :— أولاً :— يستحيل حلّ الدولتين لعدم وجود أراضٍ متصلة من الأراضي التي تحت سيطرة الفلسطينيين ، فقد اصبحت الضفة مقطعة الأوصال حيث تحولت الى أشلاء غير مترابطة نهائياً ، وحتى تتضح الصورة تماماً سوف أشبه الأراضي التي يسيطر عليها الفلسطينيين ب (( الموارس )) ، وهذه التسمية يعرفها أبناء الشعبين الأردني والفلسطيني . أي انها قطع متناثرة غير مترابطة . وهذا ما إطلعت عليه على أرض الواقع خلال زياراتي الى الضفة الغربية وغزة والتي وصلت الى حوالي ( ٧– ٨ ) زيارات خلال الأعوام ( ١٩٩٧ — ٢٠٠٢ ) ، فكيف يكون الوضع الحالي ؟

وعليه أطرح سؤالاً هاماً وخطيراً وهو : ما القادم ، فيما لو نجحت خطة العدو في تهجير أبناء شمال غزة الى جنوبها ؟ والحقيقة ان ما يقال بان هجرتهم الى جنوب غزة يعتبر المرحلة الأولى ، لأن هجرتهم الحقيقية ستكون الى سيناء ، بإقتطاع جزء منها وإتباعه بما يتبقى من جنوب غزة ليكون وطناً لأبناء غزة .

وهنا أُكرر سؤالي : ماذا لو نجحت خطة العدو في تهجير أبناء شمال غزة الى جنوبها ؟ هل هذا النجاح سيشجع العدو على تنفيذ تهجير لفلسطينيي الضفة الى الأردن ؟ والسؤال الأهم ، وهو محور هذا المقال :— هل هذا الإحتمال وارد لدى الدولة الأردنية ؟ وإذا كان وارداً ومعلوماً لدى أجهزة الدولة الأردنية بكافتها ، ماذا فعلت ، وماذا أعدّت ، وماذا جهّزت إستعداداً لمواجهة هذا المخطط الصهيوني الخطير رسمياً وشعبياً ؟

أنا أرى انه اذا نجح العدو الصهيوني في تهجير أبناء شمال غزة الى جنوبها ، فإنه سيبدأ الإعداد ، والإستعداد ، والتجهيز لعمل إجتياح دموي شديد القسوة الى الضفة الغربية ، حيث سيعيثون بفلسطينيي الضفة قتلاً ، وتدميراً وتجويعاً ، وتعطيشاً ، وسيعملون على فتح ممرٍ واحدٍ ، ووحيد مع الأردن ليلتجأ الفلسطينيين الهاربين من بطش العدو الى الأردن . وهنا يكون قد تم تنفيذ آخر حلقات الوطن البديل .

عندما بدأت الأحداث الدموية في سوريا الحبيبة ، وأَدخل الأردن ملايين اللاجئين السوريين ، كُنت في جلسة حوارية مع مجموعة من الذوات نتحاور في الشأن السوري ، وأشاد جميع الحاضرين بدور الأردن القومي بالترحيب باللاجئين السوريين . وعندما وصلني الدور لأتحدث ، فاجأت الحضور وقلت : أنتم تعرفون أنني رجل قومي ، ولن أُغير قناعتي ما حييت ، لكنني كمواطن أردني : أُعلن أنني ضد إدخال اللاجئين السوريين للأراضي الأردنية بتاتاً للأسباب التالية : عدم توفر المياة لدينا ، فنحن ثاني أفقر دولة في العالم مائياً . ثم انه بوجودهم ستتم التصفيات الجسدية بينهم على الأراضي الأردنية . يضاف الى ذلك اننا نعاني من إنتشار المخدرات واغلبها ان لم يكن جُلُّها تأتينا عبر الأراضي السورية ، هذا إضافة لجلبهم الكثير من المخاطر كزيادة نسبة البطالة .. وغيرها . عندها قاطعني أحد الشخصيات العسكرية المتقاعدة برتبة مرموقة ، وقال وهو قاصداً إحراجي : هل لديك بديل لو كنت مسؤولاً ؟ قلت له نعم ، أنا ذلك المواطن البسيط ، متواضع القدرات ، لو كنت مسؤولاً لسمحت للسوريين بالتواجد على أرضهم على الحدود الأردنية ، دون ان يدخلوا الأراضي الأردنية ، ولطلبت ان تُقام المخيمات داخل الأراضي السورية ، وان تصلهم المساعدات عبر بوابات على الحدود الأردنية . حتى يبقون على أرضهم ، ويصفّون بعضهم بعضاً على أراضيهم ، والأهم ان تَحفُر منظمات الإغاثة آباراً في الأراضي السورية ، ويستهلكون من المخزون المائي السوري . وإحترمتُ تلك الشخصية الذي تحول من قنّاص لإحراجي ، الى الإشادة بفكرة مواطن متواضع القدرات .

كما حدث معي موقف شبيه بذلك ، مع شخص آخر ، عندما تحدّث بان الكيان الصهيوني لن يُهجّر أحداً من سكان الضفة الى الأردن . وفيما لوحصل ذلك فإن الأردن لن يُدخلهم الى أراضيه . عندها سألته : لو هجّر العدو عدداً من أبناء الضفة قسرياً الى الحدود الأردنية ، هل تقبل ان يموتون عطشاً وجوعاً ، ومن الحرّ او البرد ؟ عندها ستضطر الأردن الى إستقبالهم . يُضاف الى ذلك عامل هام وخطير أظهرته الأحداث الحالية ، والمتمثل بتهجير أبناء الضفة قسرياً هرباً من جحيم القصف والإستهداف كما يحصل في غزة الآن .

أمام تلك المعطيات ، التي أتمنى من كل قلبي ان تفشل فشلاً ذريعاً ، وان لا ينجح العدو الصهيوني في تحقيق أي جزءٍ ولو بسيط منها . ماذا أعدّ الأردن لتلك اللحظة ؟ وما هي السيناريوهات ، والآليات القابلة للتطبيق لتجنب إقامة الوطن البديل على الأرض الأردنية ؟ أرى انه من الضروري ان تستنفر الدولة الأردنية كافة أجهزتها وإمكانياتها لمواجهة أسوأ السيناريوهات المحتملة ، ومن الآن . لأنه (ما ينفع البِر يوم الغارة ) ، عندما يفاجئنا العدو الصهيوني ، ويأخذنا على حين غرّة ، ولن يكون أمامنا الا الإستسلام ، والتماشي مع مخططاته التي تستهدف الأردن وجودياً كدولة ، بعد ان يتملكنا اليأس والإحباط ، ويصبح ليس بمقدورنا ان نحرك ساكناً . اللهم إحفظ الأردن من كيد الكائدين ، وتربص المتربصين ، وإستهداف المستهدِفين ، وحِقد الحاقدين .. اللهم آمين .

Share This Article