صراحة نيوز- د . عديل الشرمان
واضح أن لا أحد يستطيع أن يجزم بسيناريوهات ما بعد الحرب، فالرأي العام منقسم، والإعلام الجديد بدأ أكثر فاعلية في احداث تغييرات في المواقف، وبدأت الأمور ضبابية وغير واضحة، ولا أهداف محددة للحرب، ولا أحد يعرف تماما ما الذي يمكن أن تؤول إليه الأوضاع فيما بعد، اسرائيل تبدو مرتبكة حائرة مترددة وتشعر أنها في مازق وتبحث عن طريقة تنهي فيها الحرب وتحفظ ماء وجهها وهيبتها، لذا لا أحد يعرف كيف ومتى تنتهي في غياب رؤية واضحة لما بعد الحرب وكيف سيكون عليه وضع القطاع والمنطقة، وما يرشح من تحليلات تبقى مرهونة بالعديد من العوامل الداخلية والخارجية وظروف وتطورات الحرب، إلا أن من نتائج الحرب التي يمكن أن تكون أكثر وضوحا تتمثل بما يلي:
١. اختلت عقيدة الأمن القومي الاسرائيلي واسطورة الجيش الذي لا يقهر، وضعفت إرادة القتال لدى الجيش الاسرائيلي، وهذا من أكبر وأهم المكاسب التي تحققها الحرب.
٢. سيكون دخول اسرائيل إلى غزة برا في محاور محددة، وستتواجد لفترة غير محددة من الزمن ولن تجرؤ على الاجتياح الشامل للقطاع لأن نتنياهو الذي يوصف بأنه الأكثر جُبنا من بين قادة اسرائيل لن يغامر في مستقبله السياسي الذي بات منتهيا بالرغم من محاولاته اليائسة، ولن تبقى القوات الاسرائيلية في القطاع طويلا بسبب تعقيدات الوضع في القطاع، وشدة المقاومة التي لن تتوقف، وخلال هذه الفترة ستبحث عن ترتيبات للقطاع لما بعد الحرب.
٣. ستقيم اسرائيل مناطق عازلة بينها وبين القطاع، وستغلق اسرائيل كل المعابر للقطاع، وستمنع أهالي غزة من العمل في اسرائيل، وستحاصر القطاع اقتصاديا وعسكريا بشكل محكم لفترة طويلة من الزمن على أمل أن تحصل الهجرة كنتيجة طبيعية لصعوبة العيش في القطاع، وستبقى مصر هي أمل القطاع ومنفذه الوحيد، وهذا يضع مصر في موقف صعب وأمام تحديات مستجدة.
٤. العدد الكبير من الشهداء والمصابين سيخلق مئات الالاف من المقاومين المستجدين الأشد حقدا والأشد قوة وحماسا للانتقام، وستبقى حالة اللاسلم واللاحرب بين العرب واسرائيل قائمة إلى أن يتحقق وعد الله جلت قدرته.
٥. تراجع شعبية القادة والحكام العرب، واتساع الفجوة بينهم وبين شعوبهم مقابل ارتفاع معنويات المواطن العربي عموما، والمواطن الفلسطيني على وجه الخصوص وعودة الأمل إلى نفسه اليائسة، وهذا لا ينطبق على الأردن الذي وقف بحدود امكاناته وقفة الأخ مع أشقائه وقت الشدة.
٦. برأيي فإن الثابت في نتائج الحرب المتوقعة زيادة الانقسام في الصف العربي، وزيادة الانقسامات في الرأي، وزيادة تبادل الاتهامات بين الدول العربية والمزاودة على المواقف مما جرى.
٧. إيران أحد أهم المستفيدين من الحرب على غزة، فمن مكاسبها فيما يجري استغلال ما يجري كنقطة تفاوض مع امريكا والغرب هذا من جهة، ومن جهة أخرى يساعدها انهيار الأوضاع الأمنية وانعدام حالة الأمن والاستقرار في محيطها وخاصة العربي في توسيع دائرة نفوذ أذرعها في المنطقة وبما يتوافق مع أهدافها.
٧. الولايات المتحدة الأمريكية أحد أهم الخاسرين من الحرب على غزة حيث خسرت إضافة إلى المال مصداقيتها لدى العالم العربي وبانت نواياها السلبية بشكل أكثر وضوحا، وعززت من حالة العداء والكراهية بينها وبين العرب والمسلمين، وهذا يقود إلى استفادة روسيا والصين وتزايد نفوذهما في المنطقة.
