‏إعلان حرب :ماذا يعني أردنياً؟

4 د للقراءة
4 د للقراءة
‏صراحة نيوز – حسين الرواشده
منذ بدء العدوان على غزة ،تكررت لازمة “إعلان حرب”، على ألسنة العديد من المسؤولين الأردنيين ، جاء ذلك في سياق تحذير الكيان المحتل من القيام بالتهجير القسري للفلسطينيين ، هذا الإعلان يمكن فهمه في ثلاثة مسارات ، الأول : تصعيد الخطاب الدبلوماسي الأردني ،بصورة أكثر خشونة ،لإيصال رسائل واضحة وحازمة إلى تل أبيب ،وغيرها من العواصم الدولية ، مفادها أن الأردن سيستخدم كل ما لديه من أوراق سياسية في هذه المرحلة، لكن إذا تم تهديد مصالحه العليا فإن سيعتبر ذلك إعلان حرب ، وبالتالي فإن خيار الرد وارد وجاهز ؛ التلويح بالحرب هنا ليس مجرد كلام مرسل ، وإنما خيار واقعي ،وقرار حتمي أيضا.
‏المسار الثاني : يبدو أن لدى الأردن معلومات او تقديرات تفيد أن المحتل الإسرائيلي سيفتح جبهة الضفة الغربية ، بعد غزة ، وبالتالي فإن الخطر أصبح داهما، ويقتضي التعامل معه بمنطق الحرب لا السياسة ، المقصود بالحرب ،هنا ، الدفاع عن الدولة ووجودها وهويتها بكل الوسائل المتاحة لرد المعتدي مهما كان، المسار الثالث : تطمين المجتمع الأردني على قوة الدولة وقدرتها على قيادة الشارع ، والتناغم ، تماما ، مع مطالبه ، ثم تهيئته للإستعداد لكل الخيارات في المرحلة القادمة ، ومنها خيار الحرب ، هذا الذي غاب عن الخطاب الأردني منذ حرب الكرامة.
‏هل نحن جاهزون للحرب ؟ اثق، أولا ، بجيشنا العربي البطل ثقة مطلقة ، وأدرك ،تماما ،أن بلدنا لا يفكر في إعلان الحرب على أحد، لكنه قادر على الدفاع عن نفسه إذا ما فُرضت عليه، الجاهزية، هنا ، تتجاوز القدرات العسكرية إلى مستلزمات أخرى ، أهمها وحدة الجبهة الداخلية وقوتها وصلابة تماسكها، وأعتقد أن ذلك متوفر الآن، فالأردنيون موحدون دائما، خاصة عند الأزمات ، لكن يبقى أن نفكر ،منذ الآن ، باستحقاقات أوسع تجعلنا أكثر استعدادا وجاهزية، ذلك أن استدعاء خطاب الحرب، وأعادة التذكير بوجود “عدو “يهددنا، هو أفضل ما أنجزناه في هذه المرحلة.
‏استدعاء خطاب الحرب ،بعد عقود من الإسترخاء الوطني ، ضروري ومهم، كما أنه يشكل حالة أردنية جديدة، تتناسب مع استحقاقات ما بعد العدوان على غزة ، بما كشفه من من وقائع، وما سيترتب عليه من تحولات في المنطقة ، لكن هذا الاستدعاء يجب أن يتجاوز حدود الاستخدام السياسي ،أو التوظيف المرحلي، لكي يؤسس قواعد مجتمع جديد ، في إطار استراتيجي للدولة، هذا يحتاج ،بالطبع ، إلى أن نتعاطى مع الموضوع بعقل هادئ ، وخطط مدروسة، تبدأ بتغيير حقيقي في كافة المجالات : الثقافية والاجتماعية والاقتصادية..الخ، لأن أي مجتمع يضع على أجندته إمكانية مواجهة الحرب ، يحتاج إلى مقومات وروافع وأدوات ، تضمن له القدرة على خوضها ،ثم الانتصار فيها.
‏حين ندقق في الخطاب السياسي الأردني اتجاه القضية الفلسطينية. والمحتل الإسرائيلي تحديدا ، نجد أن سلسلة من التحذيرات او لتلويح بحدوث تصادم في العلاقات ، بدأت بالتدرج منذ سنوات، مع هيمنة التيار اليميني الصهيوني المتطرف على الحكم ، ثم تصاعدت قبل العدوان على غزة ، وصولا إلى لحظة الصدمة الكبرى ( 7 اكتوبر)التي قلبت كل الموازين ، ربما أدرك الأردن ،في هذه اللحظة بالذات، أن مرحلة إدارة الصراع مع تل أبيب انتهت ، وبدأت مرحلة حسم الصراع ، وبالتالي تبخرت عملية السلام وبدأت مرحلة الحرب ، سياسيا واقتصاديا ، وربما عسكريا أيضا.
‏باختصار ، إذا كنا في حرب، أو أمام حرب قادمة، هذا يعني ،أو يجب أن يعني ، تغييرات جذرية ،تبدأ على الفور ، لمنظومة واسعة من الاعتبارات والحسابات والخيارات القائمة، أو بصيغة أخرى ، إعداد ميدان المعركة بما يلزم من متطلبات على كافة الأصعدة، لقد فعلنا ذلك قبل نحو 50 عاما ، ولا بد أن نفعله الآن ، إذا صدقت النوايا ، وصحت العزائم.
Share this Article