هل عَمِلَ الأردن .. وفق المُمكِن ؟

8 د للقراءة
8 د للقراءة
هل عَمِلَ الأردن .. وفق المُمكِن ؟

صراحة نيوز- عوض ضيف الله الملاحمه

سأبدأ مقالي هذا بسؤال وأُجيب عليه : لماذا كافة الأردنيين ، وكافة القبائل والعشائر الأردنية — لمن لم تعجبه إشادة ابي عبيدة بالعشائر الأردنية ، وانه ( إنتخى ) بها — ، لماذا مواقفنا صلبة ومبدأية من القضية الفلسطينية ؟ الإجابة :— الأردنيون كافةً ينظرون للقضية الفلسطينية من منظور ديني ، وعروبي ، ووطني . فالعدو يستهدف الأردن كما إستهدف فلسطين تماماً . وعليه فان الأردنيين يعتبرون دعمهم للقضية الفلسطينية دفاعاً إستباقياً عن الأردن . لهذا يختلف موقف الأردنيين عن باقي الأقطار العربية الشقيقة .

للعلم عندما يتنادى كافة أطياف الشعب الأردني للنزول للشارع والتظاهر عند الحدود مع العدو ، فان هذا دليل صدق مشاعرهم . ولو سُمِح لهم لدخلوا من فرط حماسهم ، وهجموا على العدو باسلحتهم الفردية . وحسناً فعلت أجهزتنا الأمنية ، عندما أحكمت الطوق لمنع المتظاهرين من الوصول الى ( نقطة الصفر ) — مقتبس من أبي عبيدة — على الحدود . ثم ليعلم الجميع ان أبناء القبائل الأردنية يشكلون الغالبية من المتظاهرين . وقد سبق ان تسلل بضعة شبان ودخلوا الأراضي المحتلة ، وإعتقلتهم قوات العدو .

الأردن ، وطني الحبيب ، توأم فلسطين . الأردن وفلسطين مصيرهما واحد . ومصدر تهديدهما واحد . وإستهدافهما من العدو الصهيوني بنفس الدرجة . الفارق بينهما انه تمكن من قضم فلسطين ، والقضمة الثانية — لا قدر الله — ستكون الأردن .

بتاريخ ٢٠٢٣/١٠/٣٠ نشرتُ مقالاً بعنوان (( التهجير .. آت .. وله دلالات .. وإرهاصات )) ، تضمن الأوراق التي يمتلكها الأردن ، وأُعيد سردها :—
[[ هنا لا بد من الإشارة الى ان الأردن ما زال يمتلك عدداً من الأوراق الضاغطة ، بعيداً عن شَنّ حربٍ مباشرة على العدو ، لأننا نعرف ان الأردن ليس مؤهلاً لها . وأرى انه من الضروري سرد الأوراق الضاغطة التي يمتلكها الأردن ، وأستغرب ان الأردن لحد الآن لم يلوِّح بها ، على أقلِ تقدير . حيث انه بالتضامن مع بعض الدول العربية وخاصة مصر التي تشاركنا الخطر ، يمكن التهديد او التلويح بها على أقل تقدير بما يلي : ١ )) التهديد بتجميد إتفاقيتي كامب ديفيد ووادي عربة . ٢ )) وقف التبادل التجاري . ٣ )) تجميد اتفاقيتي الغاز . ٤ )) إلغاء المباحثات بخصوص إتفاقية الكهرباء مقابل الماء . ٥ )) طرد السفراء الصهاينة . ٦ )) إستدعاء السفراء العرب . ٧ )) إغلاق السفارات . ٨ )) وقف الإتصال المباشر . ٩ )) وقف إستقبال السياح الصهاينة . ١٠ )) وقف التعاون الإستخباري وتبادل المعلومات .

إستخدم الأردن بعضاً من تلك الأوراق ، ولو متأخراً . لكنني كمواطن أردني متابع لم أشعر ان الأردن قد ( قرص ) الكيان لدرجة تُشعِره بخطورة الموقف . كما لم أشعر كمتابع ان العدو بات يحذر لأن الأردن لم يُكشر عن أنيابه . لكن علينا ان لا نُغفل ان الموقف الرسمي العربي والإسلامي قد خذل الأردن . حيث لم يرتقِ موقف المؤتمر لموقف الأردن رغم إعتداله الشديد . كما ان صمت الكيان على جرأة الأردن في بعض القرارات التي اتخذها كان مستغرباً . ويمكن ان يعود ذلك الى أسبابٍ منها : انه لا يود التصعيد حالياً لأنه مشغول في مجزرة غزة . او انه واثق من ان الاردن سيعود عن قراراته ويستمر في توقيع إتفاقيات التعاون المُذِلّة . او ان العدو إستذكر موقف الراحل الحسين من قضية تسميم / خالد مشعل . او ان الأردن أوصل رسالة للكيان بأنه مضطر لهكذا قرارات لتنفيس ضغط الشارع . او ان هناك أسباباً لا نعرفها .

كما انه من الضروري ان يضاف للقرارات التي اتخذها الأردن أهمية جولات ملك البلاد العربية والأوروبية التي أحدثت صدى وتأثيراً وتفهماً من بعض الدول . كما علينا ان لا ننسى مواقف وكلمات وزير الخارجية التي كانت جادة ، وجيدة ، وحادة ، وجريئة ، جرأةً لم نعهدها في الدبلوماسية الأردنية ضد الكيان . وعلينا ان نذكر اننا أُعجبنا بثقتة ، وجرأته . حيث لم نلحظ خنوعاً ، او ذِلّةً ، ولا ضعفاً ، ولا إستجداءاً .
وها نحن ننتظر قرار مجلس النواب الأردني فيما يتعلق بمراجعة الإتفاقيات الموقعة مع العدو .

من منطلق وطني أردني بحت ، أرى انه لو ان كل الدول العربية تخلت عن القضية الفلسطينية ، او هادنت ، او حتى صادقت الكيان وتعاملت معه . على الأردن ان لا يهادن العدو لأنه يطمع فينا . ولأن فلسطين والأردن يواجههما نفس الخطر الصهيوني . وان العدو قد قضم فلسطين ، وفيما لو هدأت أوضاعه سيتجه للأردن مباشرة . لذلك على الأردن ان يدعم كل نشاط نضالي مقاوم فلسطيني مهما كان ، لأن فيه إلهاء ، وإشغال ، وإنهاك للعدو .

من المنظور السياسي الواقعي ووفق الإمكانات ومقارنتها بالتحديات . بصراحة وبدون مجاملة إن الموقف الأردني أشرف الف مرة من موقف السلطة الفلسطينية التي تبدت عمالتها بدءاً من التنسيق الامني ، وإنتهاءاً بإستعدادهم لإدارة القطاع لو تم القضاء على فصائل المقاومة في غزة . أيةُ خِسّةٍ هذه !؟

من المعضلات التي واجهها الأردن انه لم يستطع زحزحة التخاذل العربي والإسلامي . كما ان علينا ان ننطلق من مبدأ ان تحرير فلسطين ليس مهمة أردنية أبداً لإختلال المعادلة وموازين القوى . وانه ليس من المنطقي ان يرمي الأردن بنفسه للتهلكة ، فيضيع هو ، ولا تكسب القضية شيئاً . لأن تحرير فلسطين مهمة عربية كونها قضية عربية . كما ان مهمة التحرير لا تقوى عليها دولة واحدة ، ولا حتى دول الطوق مجتمعة .

الأردن تميز في زمن الخذلان العربي رغم تواضع ما قدّمه . على الأقل الأردن لم يدعم ، ولم يحرض العدو على إجتثاث المقاومة والقضاء عليها .

ولنكن اكثر صراحة ووضوحاً ان الدعم الأردني للقضية الفلسطينية فيه مصلحة وطنية أردنية كبيرة وعظيمة تتعلق به وجودياً . وعليه نأمل ان يستخدم كل ما لديه من أوراق لعله يدرأ خطر التوسع الصهيوني ، او على الأقل يؤخِره ، لعل تظهر أسباباً ، وظروفاً توقف مشروع العدو التوسعي .

وعلينا ان نعتبر ان ما أقدم عليه مجموعة المناضلين الفلسطينيين الشجعان في السابع من شهر أكتوبر ، هو دفاع غير مباشر عن الأردن . لأنهم طعنوا العدو في مقتل ، وشككهم في قدراتهم ، وتبدى لهم انهم لم يتمكنوا من المحافظة على ما إحتلوا من فلسطين ، فكيف لهم ان يفكروا في التوسع .

ربما يعتقد الأردن الرسمي انه قدم الكثير وفق الممكن . وفيما لو إعتقدنا ذلك ، هل إرتقى الموقف الرسمي الى الموقف الشعبي ؟ لكن علينا ان لا ننسى ان ما قدمه الأردن يعتبر أفضل من الكثير من الدول العربية والإسلامية . وعلى الأقل يعتبر الأردن قد قدم شيئاً أفضل من السلطة الفلسطينية ، التي يُفترض انها صاحبة القضية والممثل الشرعي والوحيد للشعب الفلسطيني العظيم المُبتلى بها .

مع كل ما تقدم من الضروري التوضيح بان هذا لا يعني المطالبة بإعلان الحرب على العدو ، إلا إذا فُرِضت علينا . وأختم وأقول وأُكرر : أنه بالنسبة للأردنيين كافة فان الدفاع عن فلسطين ، هو دفاع إستباقي عن الأردن وجودياً .

Share This Article