مبادرة أردنية (للحَلّ)في غزة ..ولمَ لا؟

4 د للقراءة
4 د للقراءة
مبادرة أردنية (للحَلّ)في غزة ..ولمَ لا؟

‏صراحة نيوز- ‏حسين الرواشدة

‏هل يقف الأردن عند الازمة المطالبة “بضرورة إنهاء العدوان على غزة ” ، أم اصبح من الضروري أن يطور موقفه الدبلوماسي باتجاه إطلاق مبادرة لوقف العدوان ‏، وفتح أفق سياسي للحل ، ثم بناء موقف سياسي للتعامل مع أي ترتيبات لما بعد الحرب ‏، بما يصب في مصالحه العليا أولا ، وفي مصالح الأشقاء الفلسطينيين أيضا؟

‏لا يوجد لدي معلومات دقيقة يمكن أن تحسم الإجابة، لكن أتوقع -وفق بعض التسريبات – أن ‏الدبلوماسية الأردنية بدأت تتحرك باتجاه الدخول على خط “مبادرات ” سياسية ،قابلة للنقاش والتداول، بين مختلف الأطراف المعنية، كما أن لديها رؤية بدأت تتبلور ويمكن أن تساهم بإيجاد مخرج لوقف الحرب ، وضمان وضع مقاربة سياسية لما بعدها، هذا التحرك الدبلوماسي مشروع ومطلوب لاعتبارات عديده، أهمها ‏الحفاظ على الدور الأردني فيما يتعلق بالقضية الفلسطينية ، لتجنب أي ارتدادات تمس أمننا الوطني ، ومصالحنا الاستراتيجية، وفي تقديري أن ذلك يحتاج إلى إطار عربي ، ولاحقا إلى شراكة إقليمية ودولية، انطلاق المبادرة من الأردن ،تحديدا ، سيمنحها تأثيرا ومصداقية اكثر ، كما يعطي الأردن فرصة للخروج من حالة التصعيد الدبلوماسي التي تبناها منذ بداية الحرب ‏، إلى حالة الفاعلية السياسية ، كشريك في الحل.

‏أعرف ،تماما ، أن أطراف الحرب ما تزال تقف على الشجرة ، و أن إسرائيل ،تحديدا ، تبحث عن صورة انتصار لاستعادة هيبتها وقوة ردعها ، وحتى الآن لم تحقق أهدافها، كما أن نتنياهو يبحث عن مزيد من الوقت لتجنب محاسبته على خسارته السياسية والعسكرية ، أعرف ،أيضا ، أن واشنطن مازالت تتحرك ببطء شديد للموافقة على أي صيغة لإنهاء الحرب ، لأسباب أصبحت معروفة ، أعرف ،ثالثا ، أن لدي المقاومة اصرار على مواصلة الصمود ‏، وعدم الخروج من الحرب بأي شكل من أشكال الهزيمة ،بعد الثمن الكبير الذي دفعته في غزة.

‏لكن ،في المقابل ، لدى الجميع قناعة بأن هذه الحرب لن تنتهي بانتصار حاسم لأي طرف ، كما أن استمرارها اصبح مكلفا للجميع ، وربما عبثيا، ولدى إدارة بايدن ، بتقديري، توجه لإيجاد مخرج لاسرائيل ، لا لنتنياهو، وعليه فإن الحل السياسي هو السبيل الوحيد ، ولكي يكون ملزما للطرفين ، لابد أن يحظى بتوافق وضغط عربي وإقليمي ودولي، وقبل ذلك مسار عقلاني وواقعي يساعد الجميع للخروج من الحالة الصفرية،( منتصر او مهزوم) ، ويجنب المنطقة ، وربما العالم، التورط في براكين المزيد من الحروب المدمرة.

‏لا يوجد لدي اقتراحات يمكن أن أضعها كإطار لأي مبادرة قد تفكر بها الدبلوماسية الأردنية، لكن المؤكد أن لدى الأردن ما يلزم من تصورات وعلاقات واتصالات يمكن أن تنضج هكذا مبادرة ، كما أن لدى الطرف الفلسطيني ،والمقاومة تحديدا ، أفكارا يمكن أن تساهم في إنجاحها ، زد على ذلك أن مجرد القيام بها سيشكل” جس نبض ” لأطراف مهمة في المنطقة والعالم حول مستقبل ‏دورنا القادم ، فيما يتعلق باليوم التالي لما بعد الحرب ، أقصد دور الدول المحسوبة على خط الاعتدال والوساطات، والمرتبطة بعلاقة مع كل الأطراف، ، وفي مقدمتها الأردن.

‏الدبلوماسية الأردنية ،تاريخيا، تعاملت مع القضايا الكبرى بمنطق الدولة المبادرة ، وأعتقد أنها ستتتعامل الآن مع هذه الحرب البشعة ،وتداعياتها، بذات المنطق ، حيث لا مصلحة لنا بالوقوف أعلى الشجرة ، ولا بتقمص دور أي طرف ،مهما كان ، ولا باسترضاء الذين يريدون أن نذهب لمزيد من التصعيد او الانكفاء السياسي ، أو الآخرين الذين لبسوا عمامة “الآيات ” و ساحات الممانعة، لقد كنا ،وما نزال، مرجعية لاجتراح الحلول ، وتقديم المقاربات السياسية، و إطفاء الحرائق والصراعات، ‏ومهمتنا اليوم تفرض علينا أن ندعم أشقاءنا بالفعل لا بالشعارات والهتافات ، وأن نساعدهم لانتزاع انتصار سياسي يستحقونه، ويكافيء ما قدموه من دماء وتضحيات. هل سننجح في ذلك ؟ لا ادري، المهم ان نحاول .

Share This Article