التهجير على طاولة تفاهمات “اليوم التالي”

5 د للقراءة
5 د للقراءة
التهجير على طاولة تفاهمات "اليوم التالي"

‏صراحة نيوز- ‏حسين الرواشدة

‏هل أغلقت الحرب على غزة ملف” التهجير” ، أم أنها فتحته من جديد ؟
الأكيد أن هذا الملف ما زال مفتوحا، وسيبقى كذلك إلى حين تتغير موازين القوى باتجاه يسمح للفلسطينيين بانتزاع دولتهم وحقوقهم، ما يعزز ذلك أن إسرائيل ، منذ تأسيسها، وضعت مشروع تهجير الفلسطينيين ، على أجندتها ،، كما أدرجته على جدول أهداف حربها الأخيرة ،التي ما تزال قائمة ، واعتبرته شرطا لضمان وجودها واستمرارها كدولة يهودية، ، رئيس وزرائها أعلن ،مؤخرا ، أن مشاورات تجري مع أطراف عديدة لإجلاء “طوعي ” لعرب غزة إلى دول العالم ، وزير الهجرة الكندي ذكر أن بلاده ستطلق ، مطلع العام القادم ، برنامجا للهجرة ، يتيح لسكان غزة الحصول على تأشيرات إقامة ،دون شروط مسبقة.

‏قائمة الدول المرشحة للانخراط في عملية استقبال اللجوء الفلسطيني يبدو أنها ستكون طويلة، ومزدحمة بالمتطوعين و”القبّيضة “، خاصة بعد أن تم إجهاض فكرة التهجير القسري الذي رفضته مصر والأردن ، ولاحقا أمريكا ، على هذه القائمة ، كما تشير بعض التسريبات، إحدى الدول الإفريقية (اعتذر عن عدم ذكر اسمها) حيث تجري تفاهمات معها ،في سياق وساطة من إحدى الدول العربية ، لاستضافة نحو 1,000,000 فلسطيني من غزة والضفة الغربية ، هؤلاء الضيوف ، أو جزء منهم ، حسب ما يتم طرحه من حوافز ،سيشكلون طبقة من الخبراء والعمال المهرة ، المؤهلين للمساهمة في عملية “الإعمار”هناك ،بمجالاتها المختلفة ، كما ان الصفقة ستساعد هذه الدولة على الخروج من عزلتها الدولية ، واستعادة الأمن والاستقرار السياسي، وفقا لضمانات أمريكية وغربية تم تقديمها، وما تزال قيد النقاش.

‏تحت مظلة المساعدات الإنسانية ، وإعادة التعمير في غزة ، ربما تفتح العديد من الدول ،في المنطقة وخارجها ، أبوابها لاستقبال أعداد من الراغبين بالهجرة من غزة أو الضفة الغربية ، تماما كما حدث بعد النكسة في السبعينات من القرن الماضي، ويبدو ( وهذا الأخطر) أن تل أبيب تدفع بهذا الملف في سياق تفهمات “سرية” تجري لوقف الحرب ، أو أي ترتيبات “لليوم التالي “، وفي تقديري أن أطرافا ،عربية وإقليمية ودولية ، أصبحت جاهزة للقيام بدور ما للمساعدة في هذا الاتجاه.

‏ أدرك، تماما، أن اغلبية الفلسطينيين صامدون ومتمسكون بارضهم، كما أنهم تعلموا من دروس اللجوء والنزوح ، الشاهد والدليل ما فعله أهل غزة حتى الآن، لكن ما حدث ،سواء في غزة أو الضفة الغربية ، بفعل ممارسات المحتل الوحشية ، هذه التي أعدمت كل مقومات الحياة الإنسانية ، يمكن أن يشكل ضغوطا قاهرة على بعض الفلسطينيين ، لاسيما الشباب ، تدفعهم إلى الهجرة ، بحثا عن فرصة عمل ، أو مكان آمن ، كما حصل لغيرهم من الشعوب التي عانت من الحروب (السوريون مثلا)، وبالتالي ستجد تل أبيب الفرصة مواتية لتكرار ما فعلته في سياق عمليات التهجير المستمرة للفلسطينيين ، من منع للعودة ، ومصادرة للأملاك .. الخ.

‏للتذكير ، والتنبيه أيضا، يبلغ عدد الفلسطينيين ,14,5 مليون ، نصفهم تقريبا(7 مليون) في فلسطين التاريخية، فيما يتوزع النصف الآخر على معظم دول العالم (معظمهم في الأردن وسوريا ولبنان ومصر)، علما أن الهجرة الفلسطينية لم تتوقف مع حرب 67 ، بل استمرت حتى ما بعد أوسلو، ( منذ 7 أكتوبر الماضي أُجبر سكان 13 تجمعا في الضفة الغربية على الهجرة بسبب عنف المستوطنين )، ما يعني مسألتين، الأولى : حلم ” التهجير” ما زال قائما في المخيلة الصهيونية، وهو قيد التنفيذ أيضا، المسألة الثانية : الحرب على غزة أعطت إسرائيل فرصة كبرى للتخلص من مشكلتها الأساسية (السكان )، وهي تعتقد أن النجاح في ملف التهجير سيكون علامة من علامات الانتصار في الحرب .

في ظل الظروف والتحولات التي أنتجها العدوان الاسرائيلي، عربيا وإقليميا ودوليا ، يمكن لهذا الملف (النكبة الجديدة) أن يظل مفتوحا، وجاهزا للتنفيذ، يبقى الرهان ،فقط ، على صمود الفلسطينيين ، ثم وجود قوة رفض عربي لإفشال تمريره ، أو تنفيذه، بموازاة قوة عون ومساعدة تدعم صمودهم، وتمكنهم من البقاء في أرضهم، السؤال : هل سيكون الرهان في محله؟ اتمنى ذلك.

Share This Article