معسكرات معتقلي غزة.. حرق للجلد وصعق بالكهرباء

10 د للقراءة
10 د للقراءة
معسكرات معتقلي غزة.. حرق للجلد وصعق بالكهرباء

صراحة نيوز_كشفت مجلة “972 +” العبرية، تفاصيل مروعة للجرائم التي ارتكبها جنود الاحتلال بحق فلسطينيين تعرضوا للاعتقال من قطاع غزة، خلال العدوان البري على القطاع.

وقالت المجلة، في تقريرها الذي ترجمته “عربي21″، إنه ظهرت خلال شهر كانون الأول/ ديسمبر صور لعشرات الرجال الفلسطينيين في مدينة بيت لاهيا، شمال قطاع غزة، شبه عراة باستثناء ملابسهم الداخلية، وكانوا راكعين أو جالسين منحنين، وكانت أعينهم معصوبة عندما وضعوا في الجزء الخلفي من الشاحنات العسكرية الإسرائيلية.

وحسب ما أكده لاحقا مسؤولون أمنيون إسرائيليون، فإن الغالبية العظمى من هؤلاء المعتقلين كانوا من المدنيين الذين لا ينتمون إلى حماس، واقتادت قوات الاحتلال هؤلاء الرجال دون إخطار عائلاتهم بمكان اعتقالهم، ومنهم من لم يعد أبدا.

والتقت المجلة بعدد من المعتقلين الذين ظهروا في الصور التي نشرها جيش الاحتلال للانتهاك بحق المعتقلين، وتكشف شهاداتهم مع شهادات 49 آخرين، لوسائل إعلام أخرى، ممن أخذوا من الزيتون وجباليا والشجاعية، إلى عمليات تعذيب منهجية تعرضوا لها على يد الجنود.

وحسب هذه الشهادات، أخضع جنود الاحتلال المعتقلين الفلسطينيين للصعق بالكهرباء، وأحرقوا جلودهم بالولاعات، وبصقوا في أفواههم، وحرموهم من النوم والطعام والوصول إلى الحمامات حتى يتبرزوا على أنفسهم. وقد قيد العديد منهم إلى السياج لساعات، وكانوا مكبلي الأيدي ومعصوبي الأعين معظم اليوم.

وشهد البعض أنهم تعرضوا للضرب على جميع أنحاء أجسادهم، وتم إطفاء السجائر على أعناقهم أو ظهورهم، وقد لقي الكثير منهم حتفهم نتيجة احتجازهم في هذه الظروف.

ونقلت المجلة والموقع الإسرائيليان عن هؤلاء الفلسطينيين أنه في صباح السابع من كانون الأول/ ديسمبر الماضي تاريخ التقاط صور بيت لاهيا، دخل جنود الحي وأمروا جميع المدنيين بمغادرة منازلهم.

وقال أيمن لبد، الباحث القانوني في المركز الفلسطيني لحقوق الإنسان، الذي اعتقل في ذلك اليوم مع شقيقه الأصغر: “كانوا يصرخون، يجب على جميع المدنيين النزول والاستسلام”.

وحسب الإفادات، أمر الجنود جميع الرجال بخلع ملابسهم، وجمعوهم في مكان واحد، والتقطوا الصور التي تم نشرها لاحقا على مواقع التواصل الاجتماعي، وفي الوقت نفسه، أمر النساء والأطفال بالذهاب إلى مستشفى كمال عدوان.

أكد أربعة شهود مختلفين أنه في أثناء جلوسهم مكبلي الأيدي في الشارع، دخل الجنود المنازل في الحي وأضرموا فيها النار، وأخبر الجنود المعتقلين أنهم اعتقلوا لأنهم لم يتوجهوا إلى جنوب قطاع غزة، ولا يزال عدد غير معروف من المدنيين الفلسطينيين في الجزء الشمالي من القطاع رغم أوامر التهجير الإسرائيلية منذ المراحل الأولى للحرب، التي أدت إلى نزوح مئات الآلاف منهم باتجاه الجنوب.

ذكر الأشخاص عدة أسباب لعدم مغادرتهم، منها الخوف من التعرض للقصف من قبل الجيش في أثناء الرحلة جنوبا أو صعوبات الحركة أو الإعاقات بين أفراد الأسرة وعدم اليقين بشأن الحياة في مخيمات النازحين في الجنوب.

وفي مقطع فيديو تم تصويره في مكان الحادث في بيت لاهيا، يقف جندي إسرائيلي يحمل مكبر صوت أمام السكان المعتقلين – الذين يجلسون في صفوف عراة جاثين على ركبهم وأيديهم خلف رؤوسهم وهو يقول: “وصل الجيش الإسرائيلي. لقد دمرنا غزة وجباليا على رؤوسكم احتللنا جباليا نحن نحتل غزة كلها، هل هذا ما تريدونه؟ هل تريدون بقاء حماس ؟” فيصرخ الفلسطينيون بأنهم مدنيون.

قال ماهر، وهو طالب في جامعة الأزهر بغزة ظهر في الصورة مع المعتقلين في بيت لاهيا، طالبا استخدام اسم مستعار خوفا من تعرض أفراد من أسرته للانتقام إذ لا يزالون محتجزين في مركز اعتقال إسرائيلي: “لقد احترق منزلنا أمام عيني”.

وقال شهود عيان إن الحريق انتشر بشكل خارج عن السيطرة، وامتلأ الشارع بالدخان، واضطر الجنود إلى إبعاد الفلسطينيين المقيدين على بعد عشرات الأمتار من النيران.

وأشارت المجلة إلى أن 660 فلسطينيا من غزة معتقلون في السجون معظمهم في سجن كتسيعوت في صحراء النقب. وهناك عدد إضافي يرفض الجيش الكشف عنه، لكنه قد يصل إلى عدة آلاف، محتجزون في عدة قواعد عسكرية، بما في ذلك قاعدة سدي تيمان العسكرية بالقرب من بئر السبع، حيث تحدث الكثير من الانتهاكات في حق المعتقلين.

حسب الإفادات، نقل المعتقلون الفلسطينيون من بيت لاهيا على متن شاحنات إلى الشاطئ، حيث تركوا مقيدين لساعات، والتقطت لهم صورة أخرى تم تداولها على مواقع التواصل الاجتماعي.

وروى لبد كيف طلبت إحدى المجندات الإسرائيليات من عدد من المعتقلين الرقص ثم قامت بتصويرهم، وبعد ذلك، نقل المعتقلون، وهم لا يزالون بملابسهم الداخلية، إلى شاطئ آخر داخل إسرائيل بالقرب من قاعدة زيكيم العسكرية، حيث قام الجنود باستجوابهم وضربهم بشدة، وذلك حسب شهاداتهم.

ووفقا لتقارير إعلامية، تولى أفراد من الوحدة 504 التابعة لجيش الاحتلال، وهي فيلق استخبارات عسكرية مهمة، إجراء هذه الاستجوابات الأولية.

وأجرى الجنود التحقيق مع المعتقلين بطريقة مليئة بالانتهاكات، ودققوا هويات بعضهم، ثم قسموهم إلى مجموعتين، الأولى أعيد معظمهم إلى غزة، والثانية، كان فيها لبد، تضم 100 شخص، احتجزوا في بيت لاهيا، ثم إلى مركز احتجاز في الداخل المحتل،

وأثناء وجودهم هناك، كان المعتقلون يسمعون بانتظام إقلاع وهبوط الطائرات، لذا فمن المرجح أنهم كانوا محتجزين في قاعدة سدي تيمان بجانب بئر السبع، التي تضم مطار هو المكان الذي يحتجز فيه المعتقلون من غزة لتحديد ما إذا كان ينبغي تصنيفهم مدنيين أو “مقاتلين غير شرعيين”، بحسب المجلة.

وحسب مكتب المتحدث باسم الجيش، فإن مرافق الاعتقال العسكرية مخصصة فقط للاستجواب والفحص الأولي للمعتقلين، قبل نقلهم إلى مصلحة السجون الإسرائيلية أو حتى إطلاق سراحهم، لكن شهادات الفلسطينيين الذين كانوا محتجزين داخل المنشأة ترسم صورة مختلفة تماما.

داخل القاعدة العسكرية، احتجز الفلسطينيون في مجموعات تضم حوالي 100 شخص. وحسب الإفادات، فقد كانوا مكبلي الأيدي ومعصوبي الأعين طوال الوقت، ولم يسمح لهم بالراحة إلا بين منتصف الليل والساعة 5 صباحا. كان أحد المعتقلين في كلا مجموعتين، الذي اختاره الجنود لأنه يعرف العبرية ويطلق عليه لقب “شاويش”، الوحيد الذي لم يكن معصوب العينين.

وأوضح المعتقلون السابقون أن الجنود الذين كانوا يحرسونهم كانوا يحملون مصابيح ليزر خضراء يستخدمونها لتحديد أي شخص يتحرك، أو يغير وضعه بسبب الألم، أو يصدر صوتا.

وكان شاويش يقوم بإحضار هؤلاء المعتقلين إلى الجنود الواقفين على الجانب الآخر من سياج الأسلاك الشائكة المحيط بالمنشأة، حيث تمت معاقبتهم، وحسب الشهادات، فإن العقوبة الأكثر شيوعا كانت ربطهم بسياج وإجبارهم على رفع أذرعهم لعدة ساعات، ومن ينزل يديه يتعرض للضرب من قبل الجنود.

أوضح نضال: “لقد تعرضنا للتعذيب طوال اليوم، حيث كنا نبقى راكعين ورؤوسنا للأسفل، ومن لم يتمكن من ذلك، ربط إلى السياج لمدة ساعتين أو ثلاث ساعات، حتى يقرر الجندي إطلاق سراحه، لقد كنت مقيدا لمدة نصف ساعة، كان جسدي كله مغطى بالعرق، وأصبحت يدي مخدرتين”.

وفي مقابلات مع وسائل إعلام عربية، شهد معتقلون سابقون استشهاد معتقلين آخرين محتجزين بجانبهم. وصرح أحد المعتقلين لقناة الجزيرة بأنه شهد موت الكثير من المعتقلين في الداخل، كما كان أحدهم يعاني من مرض القلب، فرموه بالخارج ولم يرغبوا في الاعتناء به.

تحدث العديد من المعتقلين الذين كانوا مع لبد عن حالات وفاة مماثلة، وقالوا إنه قبل وصوله، توفي في المنشأة رجل مسن كان مريضا من مخيم الشاطئ للاجئين نتيجة لظروف الاحتجاز، وقرر المعتقلون الإضراب عن الطعام احتجاجا على وفاته، وأعادوا قطع الجبن والخبز المقسمة إلى الجنود، وأفاد المعتقلون للبد بأن جنودا دخلوا عليهم ليلا واعتدوا عليهم بالضرب المبرح وهم مكبلو الأيدي، ثم ألقوا عليهم قنابل الغاز، وتوقف المعتقلون عن الإضراب.

ونقل الموقع تصريحات للجيش الإسرائيلي التي قال فيها إن معتقلين من غزة ماتوا في المنشأة. وقال المتحدث باسم الجيش الإسرائيلي: “هناك حالات وفاة معروفة لمعتقلين محتجزين في مركز الاحتجاز. ووفقا للإجراءات، يتم إجراء فحص لكل حالة وفاة لمعتقل، بما في ذلك فحص ملابسات الوفاة. ويتم احتجاز جثث المعتقلين وفقا للأوامر العسكرية”.

في شهادات بالفيديو، يصف الفلسطينيون الذين تم إطلاق سراحهم حالات قام فيها الجنود بإطفاء السجائر على أجساد المعتقلين بل وتعرضوا لصدمات كهربائية. وقال شاب لقناة الجزيرة: “احتُجزت لمدة 18 يوما. يراك وأنت نائم، فيأخذ ولاعة ويحرق ظهرك. لقد أطفأوا السجائر على ظهري عدة مرات. وقال أحد الشباب الذي كان معصوب العينين للجندي: “أريد أن أشرب الماء”، فقال له الجندي أن يفتح فمه ثم بصق فيه”.

قال شادي العدوية، وهو معتقل آخر تم إطلاق سراحه، لقناة “تي آر تي” في شهادة مسجلة بالفيديو: “لقد أطفأوا السجائر على أعناقنا وأيدينا وظهورنا، ويركلونك في يديك ورأسك، وهناك صدمات كهربائية”.

وأفاد معتقل آخر أطلق سراحه بعد وصوله إلى مستشفى في رفح لقناة “الجزيرة”: “لا يمكنك أن تطلب أي شيء. إذا قلت أريد أن أشرب، يضربونك على جميع أنحاء جسمك. ولا يوجد فرق بين كبير وصغير؛ فأنا عمري 62 سنة. لقد ضربوني على ضلوعي، وأعاني من صعوبة في التنفس منذ ذلك الحين”. وأضاف المعتقل: “حاولت نزع العصابة عن عيني فضربني جندي بركبته على جبهتي”.

وأوضح الموقع أن الفلسطينيين الذين تعتقلهم إسرائيل في غزة، سواء كانوا مقاومين أو مدنيين، محتجزون بموجب “قانون المقاتلين غير الشرعيين لسنة 2002، ويسمح هذا القانون الإسرائيلي للدولة باحتجاز مقاتلي العدو دون منحهم وضع أسرى حرب، واحتجازهم لفترات طويلة دون إجراءات قانونية عادية، ويمكن لإسرائيل أن تمنع المعتقلين من مقابلة محام وتأجيل المراجعة القضائية لمدة تصل إلى 75 يوما أو إذا وافق القاضي لمدة تصل إلى ستة أشهر”.
اقرأ أيضا:

Share This Article