صراحة نيوز _كتب حاتم الكسواني
ما بعد طوفان الأقصى فإن الأمر لن يقتصر على نتائجه بل سيمتد إلى ما يتشكل عنه من قناعات.
فالفلسطيني الذي ذاق مرارة الموت بات يعرف من صديقه ومن عدوه ومع من يتحالف وممن يحذر ، ولن يكتفي بشواظ والياسين سلاحا بل أنه سيسعى نحو سلاح أشد وأقوى بين يديه وستشهد ساحات الوطن الفلسطيني افواجا من المقاتلين الأشداء من أبناء الشهداء ، أحفاد الشهداء ليسيروا على درب الشهادة حتى يوم النصر المؤزر لأن هذا أضحى قدرهم واختيار الله لهم .
هذا الفلسطيني قد خبر الآن أهداف الصهيوني المحتل ومن يخشى ومن يستهدف وفق عقيدته وحقده ، فالصهيوني يخشى المقاومين والعلماء وناقلي الحقيقة وصناع الحياة ، ومن أجل ذلك فقد استهدف بشراسة بالإضافة إلى المقاومين الأساتذة الجامعيين والمثقفين الفلسطينيين من ادباء وشعراء وباحثين .
كما استهدف بخصوصية الصحفيين والاطباء فأحدهم ينقل الجريمة ويكشف أساليبها ونهجها ، والآخر يحافظ على الحياة وينقذ الأرواح من الموت .
فالصهيوني عدو للحقيقة يعشق الزيف والكذب ، وهو مجرم ينزع من الناس الحياة ، ويريد أن يقتل ويبيد بعيدا عن ضوء الشمس وعين الكاميرا كما اعتاد منذ 75 عاما .
الصهيوني بات كالخفاش الذي لا يعيش إلا في الظلام وتستخدمه قوى الشر من أعداء الإنسانية لنشر الموت .
وما بعد طوفان الأقصى فإن أحدا لن يصدق كل إدعاءات الأخوة العربية والمصير المشترك ، ولن يؤمن أحد بحاجتنا لجامعة دول عربية تستخدم ضد اماني شعوب الأمة وتؤجج مشاعر الفرقة بينها
بعد طوفان الأقصى ستتشكل القناعة بضرورة أن تعيد شعوب الأمة توصيف اهدافها وإلتزاماتها القومية ، وآليات تحقيق امانيها ووحدتها .
وستتسائل شعوب الأمة هل فعلا أن الدول العربية التي قبلت كل هذا الموت والإفناء للفلسطينيين وشاهدته بشكل يومي حيا على الهواء ، هي دولٌ عربية .
وستتسائل هل حقا تقاضت الدول العربية التي كممت أفواهها وصمت آذانها عما جرى ويجري من إبادة لفلسطينيي غزة ثمنا للقضاء على المقاومة الإسلامية فيها ، لأنها تنتمي للإخوان المسلمين ، و لانها مدعومة من قبل إيران وحزب الله الشيعيين ،في الوقت الذي كانت تتقارب فيه إيران الشيعية مع دول الخليج والمملكة العربية السعودية السنية إدراكا بأن شقة الخلاف بينهما يحقق مصلحةً أمريكية أوروبية صهيونية .
يا له من تفكير سطحي ، ويالها من ثقة توضع في غير مكانها ثقة بالكاوبوي الأمريكي وربيبه الصهيوني الذين لم يَصدُقوا مرة في التاريخ ، وكل سيرتهم يفوح منها رائحة الدم والخداع والقتل غير الرحيم وبلا هواده … ذلك كان مع أهل أمريكا الأصليين ، و يتكرر اليوم ومنذ 75 عاما مع أخوة العروبة والإسلام الفلسطينيين الذين تحيطهم أمة العرب والإسلام من كل جانب .
فهل هذا أمر معقول .. لا والله ..إلا إذا جبن أبناء جلدتهم ودينهم و آثروا السلامة المؤقتة حيث تنادوا ” أنج سعد فقد هلك سعيد ” .
اما الإسرائيلي الصهيوني فبعد طوفان الأقصى وبغض النظر عن نتائجه ستتشكل لديه القناعة بأنه غريب في هذه الأرض وأن من يقاتلهم لا يمكن أن يكونوا ممن يمكن إخضاعهم فهم أهل البلاد واصحابها ، وفوق ذلك هم إناس عقديون يقبلون على الموت كما نقبل نحن على الحياة .
ومهما تشدق نتنياهو بأنه سيستمر بحربه لحين القضاء على حماس ، فعليه أن يعلم بان حماس وقوى المقاومة الإسلامية و كل أبناء الشعب الفلسطيني من كل التنظيميات و التيارات لا تعترف بشرعية وجود الصهاينة المحتلين بأرضهم ” أرض كنعان “، وانها كحركات تحرر وطني ستستمر في نضالها وفي مقارعته بارضها لحين دحره. ونيل حريتها ، وإخراجه منها .
وبعد ان تضع الحرب أوزارها ، وعندما تبرد العقول سيقول الإسرائيليون لبعضهم .. لقد انتهت الخدعة .. وسقط القناع عن الكذبة الكبرى ، وستتشكل القناعة بحتمية وضرورة العودة من حيث اتوا إلا من يكابرون منهم فسيكون مصيرهم تسديد الحساب للفلسطينيين الذي كبرت فاتورته قتلا وتهجيرا وجرائم تلو جرائم .. وسندخل المسجد كما دخلناه اول مرة ولكن مع ” أمة غير الأمة ” .
ولعل من اهم التداعيات التي ستتمخض عن ما بعد طوفان الأقصى انتهاء الكذبة الكبرى … كذبة الهولوكوست النازي ضد يهود أوروبا اعتمادا على نظرية جوبلز الإعلامية ” إكذب ، وأكذب ، وأكذب فلا بد أن يصدقك الآخرون ” التي لم يعد لها مكانا تحت الشمس في مجتمعات تتداول المعلومة وتوثق مشاهد الأحداث كلها لحظة بلحظة .
ففي مجتمع ميكافيلي عنده الغاية تبرر الوسيلة صنعت الصهيونية العالمية هولوكوست يهود أوروبا بمؤامرة من قادته الصهاينة مع النازي الألماني ضد اليهود الوطنيين الذين رفضوا مغادرة اوطانهم الأصلية الأوروبية إلى وطن بديل فكان مصيرهم القتل والحرق ، وكانت حجة للحركة الصهيونية لإستيطان فلسطين كوطن يحلون فيه بدلا من الشعب الفلسطيني .
ولن يستطيع الصهاينة بعد اليوم ان يجلدوا العالم ويبتزوه بهولوكوستهم ، لأن العالم حينها سيذكرهم بالهولوكوست الذي أقترفوه ضد الشعب الفلسطيني ويرددون على مسامعهم مايشبه بيت شعر أبو الأسود الدؤلي القائل :
لاتنهى عن خُلقٍ وتأتي مثلَهُ
عارٌ عليك إذا فعلت عظيمُ
وسيكتشف الشعب الأمريكي كذبة الحرية والديموقراطية التي يعيشونها و تروجها حكوماتهم ، وبأن الحزبين الديموقراطي والجمهوري اللذان يتناوبان السيطرة على السلطة في البلاد الأمريكية ما هما إلا أدوات قهر وإستبداد تعملان لتحقيق مصالح مؤسسات المال وشركات السلاح والدواء ومافيات القمار والرذيلة ، وانهما يستغلان قدرات الشعب الأمريكي وإنجازاته العلمية والإقتصادية والمعرفية للسيطرةعلى مقدرات شعوب العالم،واستعمارها وقهرها .
وستتشكل القناعة لدى الامريكيين لحاجتهم إلى طيف سياسي ثالث غير الجمهوريين والديموقراطيين ، ينسجم أكثر مع قناعات الشعب الأمريكي ومواقفه الجديدة حيث سيدعم الشباب الأمريكي الذي غبن بضلوع حزبيه في قهر شعوب العالم وقمعهم وإبادتهم عن طريق الكذب والتلفيق والتزوير. .
وما ينطبق على الساحة الأمريكية ينسحب على الساحات الأوروبية بمعايير مختلفة من بلد إلى آخر .