صراحة نيوز- عوض ضيف الله الملاحمة
ذكرت وسائل الإعلام الإلكتروني أن الرئيس التركي/ رجب طيب أردوغان ، إتخذ قراراً حضارياً ، متقدماً ، راقياً أسرده لكم حرفياً :— [[ منح كل من تعدى الخامسة والستين من العمر معاشاً شهرياً إضافياً لكل من المُسِنّ والمُسِنّة . كما يمكنهما أيضاً طلب الطعام المجاني بالتليفون ، فضلاً عن تكفل الحكومة بإرسال ثلاثة من الخدم إسبوعياً لتنظيف البيت او طهي الطعام . وتكفل الحكومة أيضاً برامج الرعاية الصحية المجانية ، وإرسال سيارة إسعاف ، يحتوي طاقمها على طبيب وممرضة لتقديم الخدمة الطبية للمسنين في منازلهم . هذا بالإضافة لركوب المواصلات العامة مجاناً ]] . إنتهى الإقتباس .
إذا صحّ هذا الخبر ، فإنه ينقل تركيا الى مصاف الدول المتحضرة ، المتقدمة جداً ، كما دول الغرب . حيث تعتني دول الغرب عامة بكبار السن وتقدم لهم أفضل الخدمات . ويُسمى كبير السن ب ( Senior Citizen ) ، وعليه يركبون المواصلات العامة مجاناً ، ويستخدمون المواصلات الخاصة بأجرة رمزية ، وتُقدم لهم أحدث الخدمات على أرقى مستوى . كما تراعي دول الغرب استقلالية كبار السن وتحافظ على كرامتهم ، ويقدمون لهم الرعاية الصحية المنزلية ، والتأهيلية في منازلهم . كما يقدمون لهم الدعم الإجتماعي ، والمساعدة في الأنشطة اليومية ، والبرامج الترفيهية والإجتماعية ، والمساعدات الغذائية . ويقدمون لهم أيضاً خيارات السكن المتنوعة .
أتحفظ على نهج تركيا العثمانية المستعمِرة ، وعلى فكر أردوغان العثماني الإستعماري العدائي الإستغلالي للعرب . لكن هذا الموقف القومي ، لا يمنع من الإشادة وإظهار حقائق أدائه المتميز لبلده . حيث لا ينكر أحداً انه خلال فترة حكمه إرتقى بالإقتصاد التركي لمصاف الدول الكبرى .
كِبار السِن يحب ان لا يتم إعتبارهم عالة على المجتمع . لأنهم أُناس ساهموا في بناء أوطانهم في شبابهم عندما كان لديهم القدرة على العطاء والمساهمة في البناء .
كِبار السِن نهضوا بوطنهم وحملوا راية الإنجاز لعقود طويلة بعطائهم ، وعرقهم ، وتعبهم ، وإنجازاتهم ، حتى سلّموا الراية للجيل الذي يلي ، وهذه سنة كونية ربانية ، كل جيل يجتهد ، ويتعب ، لينجز ويساهم في بناء الوطن ، وهذه تكون إنجازات تراكمية في الأوطان المتحضرة . وعليه يجب إحترامهم ، وتقديرهم ، وتوفير الحياة الكريمة لهم .
لكن ، وللمقارنة ، انظروا لكبار السِن في وطننا . مهملون ، مهمشون ، لا عناية ، ولا رعاية ، ولا تقدير ، ولا احترام ، ولا مساعدة لظرف صحي ، ولا مساندة عند الحاجة .
ما يستر على كبار السن في وطننا العربي عامة ، عند تقدمهم بالعمر هو عناية وإهتمام أولادهم إناثاً وذكوراً بوالديهم . رغم وجود بعض الحالات الفردية التي تنكّر فيها الأولاد لوالديهم وأساءوا معاملتهم ، وارسلوهم قسراً وبأساليب إحتيالية غير أخلاقية الى ملاجيء العجزة وكبار السن .
من دافع الغيرة ، عندما أسمع عن تعامل متميز في دولة ما يخصون به كبار السن أتذكر غياب خدمات ومساعدات الحكومات الأردنية في تقديم أية مساعدات تذكر لمواطنين أفنوا حياتهم في خدمة وطنهم ، ويتنكر الوطن لهم وهم في أرذل العمر ، شيء مؤسف ومحزن حقاً .
فمثلاً عند مراجعة المراكز الصحية ، لا يصرفون أدوية الأمراض المزمنة لثلاثة شهور كما كان سابقاً . فيضطر المريض من كبار السن للذهاب للمركز الصحي شهرياً ويعاني ما يعاني في مشواره أثناء التنقل في المواصلات ، يضاف الى ذلك المعاناة داخل المركز الصحي حيث يضطر للوقوف على الدور لخمس مرات عند كل مراجعة .
يضاف الى ذلك ، ان بعض أدوية الأمراض المزمنة لا يتم صرفها من نفس المركز ، حيث يشترط على المريض من كبار السن الذهاب الى مستشفى البشير او مستشفى الأمير حمزة في عمان مثلاً للحصول على دواء يمكن صرفه من نفس المركز . فتجد المستشفى مزدحماً حيث لا تجد مكاناً للوقوف وليس الجلوس ، ويصل الدور الى رقم ( ٦٥٠ ) وأكثر . هل يُعقل هذا !؟ ولماذا لا يتم صرف الدواء من المركز الصحي نفسه للتخفيف من معاناة أُناس لا يقوون على السير ولا حتى على الوقوف .
أما الطامة الكبرى إذا تم تحوليك الى احد المستشفيات الكبيرة لأخذ صورة طبقية مثلاً فإن الموعد يصل الى ( ٩ ) شهور وربما أكثر . أما اذا تم تحوليك لمراجعة طبيب إستشاري ، فهنا الطامة الكبرى والمعاناة التي لا تُحتمل ، حيث لا يمكن توصيف المعاناة .
علمت من مصدر موثوق ان الخدمات الطبية الملكية الأردنية تقوم بتوصل أدوية الأمراض المزمنة عبر شركات التوصيل ، ويدفع صاحب الدواء حوالي دينارين لجهة التوصيل ، لماذا لا تتبع هذه الخدمة الحضارية من قبل وزارة الصحة ، ويقوم كل مركز صحي بتوصيل أدوية الأمراض المزمنة لمرضاه كل ثلاثة شهور او كل شهرين او حتى كل شهر مقابل ان يدفع المريض اجرة خدمة التوصيل ، فهو يدفع للمواصلات مبلغاً أكبر من ذلك . او يمكن طرح موضوع التوصيل على المرضى والذين يوافقون على ايصال الدواء لهم بواسطة شركة توصيل يتم فصلهم في كشف مستقل ليتم إرسال الأدوية لهم ، وهذا الإجراء يخفف الضغط على العاملين في المراكز الصحية والمستشفيات .
لا نطلب الكثير من حكوماتنا ، لأننا نعرف انهم يعتبرون كبار السن عالة على المجتمع ، وعبء على موازنة الدولة ، وتتمنى الحكومات الأردنية سابقها وقادمها ان لو يصحوا يوماً ولا يروا متقاعداً كبيراً في السن على قيد الحياة .
ستكبرون ، وتمر بكم السنون ، ويمضي بكم العمر ، وستعجزون عن الحركة ، وتتمنون لو قدمتم كما تقدم تركيا لكبار السن فيها ، حتى تكون تلك الخدمات موجودة وتصل اليكم وتشعرون بقيمتها ومدى الحاجة اليها .
شكراً أردوغان على ما تقدمه لبلدك عامة ، ولكبار السن خاصة . فهذا يعتبر إنجازاً وطنياً وإنسانياً يُسجل لك ، ولك كل الإحترام . ويصعب عليّ حتى ان أطلب من رؤساء حكوماتنا الإقتداء بك ، لان ذلك ليس مستبعداً فقط ، بل يعتبر من الشطط في التفكير . ولنا الله الذي لا يُستجدى سواه .