صراحة نيوز – اياد العدوان
أصبحت مواقع التواصل الاجتماعي تشهد حالة مخالفة تماما لما وجدت من أجله كتبادل المعرفة، وتوسيع مساحة الحرية والتعبير لتتحول إلى ما يمكن وصفه اليوم بـ”مواقع التخبط الاجتماعي”، نظرًا لما أفرزته من آثار جانبية سلبية تمس البنية النفسية والفكرية على المستوى الشخصي وعلى المجتمعات.
اليوم تعج هذه المواقع بالمحتوى العابر والسريع، حيث تغلبت التريندات السطحية على النقاشات العميقة، فأصبح كثير من المستخدمين يسعون وراء البحث عن “الإعجاب” و”المتابعة” و”المشاهدة” أكثر من بحثهم عن المعلومة.
وبدلًا من أن تكون أداة للتقارب، ساهمت هذه المواقع في خلق فقاعات فكرية، حيث يتجمع الأفراد حول من يشبههم فقط، وينغلقون على آرائهم دون تقبل الرأي الاخر وقد تصل الى مهاجمته، ما عمّق الانقسام الاجتماعي والسياسي وخلق حالة من التفرقة سهلة المنال في ظل الظروف المحيطة والتي اصبحت بيئة حاضنة للفتنة والطائفية والعنصرية، نتج عنها صراعات على تلك المنصات تفتقر لكل معايير الاخلاق.
ومع دخول تقنيات الذكاء الاصطناعي من صناعة المواد المكتوبة والمرئية والمسموعة اصبح الامر اكثر خطورة بسبب حالة التوهان بين ما هو حقيقي وما هو مزيف دون قدرة الشريحة الاكبر على التمييز بينها مما ولد حالة من الانجرار وراءها واعادة نشرها دون التحقق من مدى مصداقيتها ، والاكثر خطورة بهذه النقطة هو استغلال البيانات الشخصية لأغراض سياسية وتجارية، مما يهدد حرية الأفراد وأمنهم المعلوماتي.
الكثير مما يُنشر في هذه المواقع لا يعكس الواقع، صور مُفلترة، نجاحات مبالغ فيها، وحياة افتراضية مزيفة تُشعر المتابع بالعجز والدونية، ما ساهم في ارتفاع معدلات القلق والاكتئاب بين الشباب.
لا يمكن إنكار أن مواقع التواصل الاجتماعي قدمت فوائد كثيرة في التعليم، والتسويق، والتواصل الإنساني. لكنّ الاستخدام غير الواعي حوّلها إلى مواقع “تخبط اجتماعي”.
المطلوب اليوم هو الاهتمام بتعزيز الثقافة الرقمية، وتوعية الجميع بعدم الانجراف وراء كل ما يشاهدونه دون البحث والتأكد من حقيقته، خاصة وان هنالك جهات عدة هدفها إبعادنا عن الحقائق من خلال زراعة الوهم والفرقة بين المجتمعات كعناصر مهمة لأهدافها الخبيثة.