تراجع الدعم الأمريكي لإسرائيل: تحولات تاريخية بين الديمقراطيين والجمهوريين والشباب تهدد الأمن والاستراتيجية الإسرائيلية

4 د للقراءة
4 د للقراءة
تراجع الدعم الأمريكي لإسرائيل: تحولات تاريخية بين الديمقراطيين والجمهوريين والشباب تهدد الأمن والاستراتيجية الإسرائيلية

صراحة نيوز-تمر إسرائيل بأزمة غير مسبوقة في مكانتها لدى الرأي العام الأمريكي، مع تراجع الدعم التقليدي لها بين الديمقراطيين، وأيضًا بين بعض الجمهوريين، لا سيما الشباب من كلا التيارين السياسيين. وتشير استطلاعات الرأي إلى أن الرأي العام الأمريكي أصبح يتأثر سلبًا بسلوك إسرائيل في الحرب والوضع الإنساني في قطاع غزة، بينما يزداد النقد داخل الجالية اليهودية، خصوصًا بين التيارات الليبرالية.

هذا التراجع في الدعم قد يلحق الضرر بحرية إسرائيل السياسية والعسكرية ويشكل تهديدًا لأمنها، إذ تتزايد الانتقادات حتى داخل الحزب الجمهوري، ويعتمد دعمها بشكل متزايد على رئيس يُنظر إليه على أنه متقلب. ومن المتوقع أن تعقد هذه الانتقادات من مهمة أي قيادة حزبية مستقبلية استعادة الالتزام الواسع لإسرائيل.

اتجاهات الرأي العام:
تشير استطلاعات متعددة إلى تحول جذري في المواقف الأمريكية تجاه إسرائيل:
• استطلاع غالوب في يوليو 2025 أظهر أن 32% فقط من الأمريكيين ينظرون إيجابيًا إلى العمليات العسكرية الإسرائيلية في غزة، بانخفاض 10 نقاط عن سبتمبر 2024، فيما أعرب 60% عن معارضتهم للعمليات. الفئة العمرية 18-34 عامًا أظهرت أقل مستويات الدعم، بنسبة 9% فقط.
• استطلاع مركز بيو في أبريل كشف أن 53% من الأمريكيين لديهم رأي سلبي تجاه إسرائيل، بزيادة 10 نقاط عن يناير 2024، مع انتقادات واضحة بين الديمقراطيين الأكبر سنًا والجمهوريين الأصغر سنًا.
• استطلاع جامعة ماريلاند في أغسطس أشار لأول مرة إلى أن تعاطف الأمريكيين مع الفلسطينيين أصبح أكبر من الإسرائيليين، حيث اعتبر 41% من المشاركين أفعال إسرائيل في غزة “إبادة جماعية” أو شبيهة بها.
• الاستطلاع أظهر أيضًا معارضة متزايدة للمساعدات العسكرية الأمريكية لإسرائيل، بنسبة 60%، وهو أعلى مستوى منذ بداية الحرب في أكتوبر 2023.

اتجاهات الحزب الديمقراطي:
على الرغم من دعم إدارة بايدن الواسع لإسرائيل عبر مساعدات مالية وعسكرية وحماية دبلوماسية، إلا أن قاعدة الحزب الديمقراطي تشهد استياءً متزايدًا من سياسة إسرائيل، ما دفع 40 عضوًا من مجلس الشيوخ إلى الدعوة لاستئناف محادثات وقف إطلاق النار، وانتقاد سياسة المساعدات الأمريكية. هذا التراجع في الدعم يعكس شعورًا بالفجوة في القيم المشتركة مع الحكومة الإسرائيلية، خصوصًا حول احترام حقوق الإنسان والديمقراطية.

اتجاهات الحزب الجمهوري:
يدعم الرئيس ترامب وإدارته إسرائيل بشكل قوي، عسكريًا وسياسيًا، ولكن بين الشباب الجمهوري، بما في ذلك الإنجيليين، يزداد تأثير خطاب “أمريكا أولًا”، مما يقلل التزامهم بالمساعدات الخارجية لإسرائيل. كما ظهرت انتقادات من بعض أعضاء الكونغرس، مثل مارجوري تايلور غرين، التي اتهمت إسرائيل بـ”إبادة جماعية” في غزة.

المجتمع اليهودي الأمريكي:
بينما حافظت بعض المنظمات اليهودية الكبرى على موقف معتدل، أعرب الجناح الليبرالي، بقيادة حركة الإصلاح، عن انتقاد لاذع لإسرائيل بسبب حرمان المدنيين الفلسطينيين من الغذاء والدواء، معتبرًا ذلك “غير مبرر”. هذا التراجع في الدعم يعكس أزمة غير مسبوقة في مكانة إسرائيل لدى الولايات المتحدة.

التوصيات:
لوقف التآكل واستعادة الدعم الأمريكي، يجب على إسرائيل اتخاذ خطوات واضحة وملموسة، منها:
1. تقديم خطة منهجية للحكومة الأمريكية والرأي العام لإنهاء الحملة في غزة، مع أهداف واضحة وجداول زمنية.
2. السماح بدخول مساعدات إنسانية واسعة النطاق للقطاع بالتنسيق مع الهيئات الدولية، مع تقديم تقارير شفافة عن الحد من الضرر على المدنيين.
3. إعادة بناء قنوات الحوار مع القيادة الديمقراطية، وزيادة التواصل مع المجتمعات اليهودية والجامعية للتخفيف من الاغتراب وتعزيز الثقة.
4. تقديم خطوات سياسية ملموسة، مثل تعزيز السلطة الفلسطينية والمشاركة في مبادرات إقليمية برعاية أمريكية، لضمان حل مستقبلي للقضية الفلسطينية، وعدم الاكتفاء بإدارة الصراع المستمر.

إن التراجع الأمريكي ليس مجرد قضية سياسية، بل يمثل تهديدًا حقيقيًا للأمن والاستراتيجية الإسرائيلية، ويتطلب استجابة سريعة واستراتيجية شاملة لضمان صمود إسرائيل سياسيًا ودبلوماسيًا.

Share This Article