صراحة نيوز- د. خلدون نصير
زيارة أمير دولة قطر الشيخ تميم بن حمد آل ثاني إلى عمّان تحمل في توقيتها ودلالاتها الكثير من الرسائل الإيجابية، فهي ليست زيارة بروتوكولية عابرة بقدر ما تعكس عمق العلاقة الأردنية القطرية، والحرص المشترك على تعزيز التعاون وتوسيع مجالاته في ظل ظروف إقليمية دقيقة. فقد جاء استقبال جلالة الملك عبدالله الثاني لأخيه الأمير تميم وما رافقه من مباحثات رسمية ليؤكد أن البلدين ماضيان في تثبيت شراكة تقوم على الثقة والاحترام المتبادل، وتستند إلى تاريخ طويل من العلاقات الأخوية.
هذه الزيارة تكتسب أهمية إضافية كونها تأتي في مرحلة يتطلب فيها المشهد العربي مزيدًا من التنسيق لمواجهة التحديات، وفي مقدمتها القضية الفلسطينية وتداعياتها على الأمن الإقليمي. وقد شددت اللقاءات على ضرورة دعم الجهود الرامية إلى وقف العدوان وإيصال المساعدات الإنسانية إلى أهلنا في غزة، بما يعكس توافق الموقفين الأردني والقطري على مركزية فلسطين وحق شعبها في الحرية والكرامة.
إلى جانب البعد السياسي، حملت الزيارة أبعادًا اقتصادية واضحة، حيث تؤكد الأرقام أن التبادل التجاري بين البلدين يتنامى بشكل مطرد، وأن الاستثمارات القطرية في الأردن تحتل مكانة متقدمة في بورصة عمّان، فضلًا عن وجود ما يزيد على ستين ألف أردني يعملون في الدوحة ويسهمون بكفاءتهم وخبراتهم في دفع عجلة التنمية هناك. هذه المؤشرات تفتح المجال أمام آفاق أوسع للتعاون، سواء في قطاعات الطاقة المتجددة أو البنية التحتية أو السياحة أو التعليم، بما ينعكس بالنفع المباشر على الشعبين الشقيقين.
إن هذه الزيارة تؤشر بوضوح إلى أن عمّان والدوحة تتعاملان مع المستقبل بمنطق الشراكة لا المجاملة، وبمنهجية العمل لا الاكتفاء بالتصريحات. وإذا ما جرى البناء على نتائجها بآليات تنفيذية واضحة، فإنها ستشكل نقطة تحول في مسار العلاقات الأردنية القطرية، وتجعلها نموذجًا للتعاون العربي الذي يستجيب لتطلعات الشعوب.