صراحة نيوز -بقلم م مدحت الخطيب
أين نحن — أردنيًّا — من اتفاقٍ يُراد له أن يُرسم على أنقاض غزة، ونحن الأقربُ مكانًا، والأعمقُ وجدانًا، والأصدقُ جرحًا؟ والأقربُ رحمًا ودمًا؟؟
هل قامت النخب السياسية بدورها في إيصال رسالة الوطن وقيادته على أكمل وجه؟؟
هل قامت سفاراتنا في الخارج بواجبها وخصوصاً سفارتنا في واشنطن وتشابكت سياسيا مع صناع القرار العالمي هناك؟؟
أين نحن من فلسطين كل فلسطين التي تقاسمنا معها الدمع والدم والملح والماء والفرح والحزن، فمنذ أن كانت النكبة جرحًا مفتوحًا على خاصرة الأمة الإسلامية والعربية، وحتى صارت غزة اليوم تختصر الحكاية كلها بين رمادٍ وصمودٍ ودمٍ لا يجفّ ونحن نقدم ما نستطيع اليه سبيلاً؟
نحن الذين وقفنا على أسوار القدس يوم كانت العروبة امتحانًا لا شعارًا ..
نحن الذين حفرنا أسماءنا على حجارة الكرامة يوم أرغمنا العدو الصهيوني على التراجع والانكسار، وعلّمنا العالم أن في هذا الوادي رجالًا يرفضون الانحناء …
نحن الذين ما زالت شواهد قبور جيشنا العربي في فلسطين تُنبت مجدًا كلّما مرّت نسمة من جبال السلط أو هدير من وادي ظانا أو صوت تكبير تصدح به مساجد أربد ..
فأين نحن اليوم من هذا المشهد؟ ومن اوصلنا إلى ما نحن عليه ؟؟!!
هل يُعقل أن نُختزل إلى متفرجين على قضيةٍ كانت يومًا قضيتنا الأولى؟ عاشها الملوك من ابناء هاشم قبل الشعب..
هل يُعقل أن يُرسم مصير غزة ونحن على الضفة الأخرى من التاريخ، نكتفي بالبيانات والتصريحات؟ والحلقات التلفزيونية التي ملها الجميع لكثرتها وتكرار ما فيها..
غزة وفلسطين ليست مجرد جغرافيا فلسطينية محاصرة، إنها شقيقة الروح، وميدانٌ من ميادين الشرف الأردني…
هي امتدادٌ لذلك الموقف الذي خلدته معركة الكرامة، حين امتزج الدم الأردني بالدم الفلسطيني على تراب واحد، فارتفعت الراية لا شرقَ ولا غرب، بل أمةٌ واحدةٌ في وجه الطغيان…
نعم، نحن الأقرب مكانًا، لكن القرب الجغرافي لا يكفي حين يبتعد الصوت والموقف.ويقود المشهد أنصاف السياسيين والخبراء..
القضية ليست شأنًا خارجيًا، بل شأن أردنيٌّ في عمقه ووجدانه وهويته…
فكل رصاصة أُطلقت في الكرامة، وكل دمعة أُمٍّ في القدس، وكل طفلٍ في غزة — هم امتدادٌ لتلك المعاني التي تربّينا عليها في هذا الوطن:
الكرامة… النخوة… والمروءة.
أرجوكم اعيدونا كما كنّا فلا كتب تفتح ولا أقلام تخط إلا والأردن سيدها …ابناء جيلي ومن سبقهم يتذكرون مواقف الملك الحسين عليه رحمة الله وهو يدافع عن فلسطين حتى وهو يقاوم المرض الخبيث
صدقوني التاريخ لا يرحم الغياب،
ومن غاب عن فلسطين، غاب عن نفسه.وفتح لدول ومكونات مكان لا يستحقونه ،اليوم ونحن نرى العالم يرسم مصير غزة خلف الأبواب المغلقة، لا بد أن نسأل:
أين موقعنا من كل هذا؟؟!
هل نكتفي بدور المتفرج، ونحن نملك جذور التاريخ وحق الجغرافيا وصوت الشهداء؟وأبجديات السياسية
غزة ليست بعيدة عنا، إنها امتداد روحنا وضميرنا، وجه آخر من وجوه الكرامة الأردنية.
ومن يتحدث عن فلسطين دون أن يذكر الأردن، كمن يقرأ نصف الآية ويترك تمامها…
فلتكن مواقفنا بحجم التاريخ الذي نحمله، وبحجم الدم الذي سُفك دفاعًا عن الأرض والكرامة.
الأردن لم يُخلق ليصمت، ولا ليقف على الحياد…
لقد كان دائمًا في الصف الأول، وسيبقى كذلك ما دام في هذا الوطن قلبٌ ينبض باسم فلسطين ورجال بحجم الوطن والقيادة الهاشمية التي سبقت كل الساسة في تحركاتهم