دراسة جديدة: الطاقة المظلمة قد تتغير مع الزمن وتعيد تشكيل الكون

3 د للقراءة
3 د للقراءة
دراسة جديدة: الطاقة المظلمة قد تتغير مع الزمن وتعيد تشكيل الكون

صراحة نيوز -يتوسع الكون باستمرار، وتزداد المسافات بين المجرات مع مرور الوقت، لكن هل كان التوسع مستمراً بالوتيرة نفسها منذ الانفجار العظيم؟ وهل تبقى الطاقة المظلمة، القوة الغامضة التي تدفع بعض المجرات بعيداً عن بعضها، ثابتة إلى الأبد؟ دراسة جديدة تجيب ربما بالنفي.

في ورقة نُشرت بدورية فيزيكال ريفيو دي، استخدم فريق دولي من علماء الكونيات محاكاة فائقة الدقة لتتبع تطور الكون في حال تغيرت الطاقة المظلمة مع الزمن، خلافاً للاعتقاد السائد بأنها ثابتة. وشارك في الدراسة باحثون من جامعة شيبا اليابانية، ومعهد الفيزياء الفلكية الأندلسي في إسبانيا، وجامعتي نيو ميكسيكو وفيرجينيا في الولايات المتحدة.

وقال توماكي إيشياما، الأستاذ المشارك بجامعة تشيبا: “تُظهر محاكاة الكون أن الاختلافات في الخصائص الكونية، مثل كثافة المادة، لها تأثير أكبر على تكوين البنية مقارنة بالطاقة المظلمة المتغيرة”.

منذ اكتشاف تسارع توسع الكون أواخر التسعينيات، شكّلت الطاقة المظلمة أحد أكبر ألغاز الفيزياء الحديثة، إذ تمثل حوالي 70% من محتوى الكون وفق النموذج الكوني القياسي الذي يفترض ثباتها. ومع تراكم البيانات من التلسكوبات والمسوح الكونية، بدأت تظهر إشارات صغيرة تشير إلى احتمال تغير هذه الطاقة مع الزمن.

وأحدث هذه الإشارات جاءت من مشروع ديزي، أكبر مسح طيفي للمجرات حتى اليوم، الذي يرسم خريطة ثلاثية الأبعاد دقيقة للكون، وأظهرت نتائجه ميلاً طفيفاً نحو “الطاقة المظلمة الديناميكية”.

لتحليل هذه الظاهرة، نفذ الباحثون ثلاث محاكيات ضخمة باستخدام الحاسوب العملاق الياباني فوجاكو، أحد أسرع الحواسيب في العالم، لتقسيم الكون إلى مليارات الجسيمات الافتراضية التي تمثل المادة المظلمة، وتركها لتتفاعل جاذبياً عبر الزمن.

وقارن الفريق ثلاثة نماذج للكون: النموذج القياسي للطاقة المظلمة الثابتة، نموذج محافظ لكن مع طاقة مظلمة متغيرة، وأخيراً نموذج مستند إلى بيانات ديزي مع طاقة مظلمة ديناميكية وقيم كونية أساسية متغيرة.

وأظهرت النتائج أن تأثير تغير الطاقة المظلمة وحده محدود، لكن إذا تغيرت القيم الكونية الأساسية مثل كثافة المادة، تصبح الاختلافات أكثر وضوحاً، حيث تتشكل المجرات والتجمعات بشكل أسرع، ويظهر عدد أكبر من العناقيد المجرية الضخمة منذ حوالي 10 مليارات سنة، مع اختلاف يصل إلى 70% مقارنة بالنموذج الثابت.

كما أظهرت المحاكاة أن “المسطرة الكونية”، المستخدمة لقياس تمدد الكون عبر تذبذبات الباريونات الصوتية، تقصر بنسبة 3.7% في نموذج الطاقة المظلمة المتغيرة، وهو ما يتوافق مع ملاحظات ديزي.

رغم ذلك، شدد الباحثون على أن معظم القيم الكونية الأساسية تبقى مقيدة ضمن حدود ضيقة، مثل حاصل ضرب كثافة المادة الكونية في مربع ثابت هابل، ما يحافظ على توازن الكون بدقة حتى مع تغير الطاقة المظلمة.

ويختتم إيشياما: “مسوحات المجرات المستقبلية ستُحسّن القياسات بشكل كبير، وهذه الدراسة توفر أساساً لتفسير هذه البيانات”.

وبعد عقدين من البحث، يبقى لغز الطاقة المظلمة قائماً، لكن هذه الدراسة تُظهر أن التغيرات الطفيفة فيها قد تكون كافية لتعديل نمط تشكل المجرات وتجمعاتها، بينما تظل القوانين الكونية الأساسية ثابتة، مؤكدةً أن الكون أكثر تعقيداً مما كنا نظن، لكنه منضبط بقواعد دقيقة تمنع الفوضى.

Share This Article