صراحة نيوز – النائب فراس القبلان
في الوقت الذي يعيش فيه غالبية الأردنيين ضيق الحال، ويقترضون ثمن الخبز وحاجاتهم الأساسية، تُقام في بعض مناطق المملكة حفلاتٌ فاحشة الكلفة، تُباع فيها التذاكر بما لا يقل عن ألف دولار للشخص الواحد، وتُضاف إليها تكاليف الفنادق والسفر، لتصل كلفة المشاركة إلى ما بين ألفٍ وألفي دولار لحضور ليلة واحدة فقط.
تُقام هذه الحفلات في العقبة، والبحر الميت، وأحيانًا في المدينة الوردية – البتراء – حيث كان يفترض أن تبقى رمزًا للحضارة لا مسرحًا لمظاهر الإسراف والاستهتار بمعاناة الناس.
والأدهى أن معظم الحضور من فئة محدودة، في وقتٍ يزداد فيه عدد المطلوبين للتنفيذ القضائي، والمدينين للبنوك، والمواطنين الذين أصبح الدين وسيلتهم لتأمين احتياجاتهم اليومية.
ما يحدث اليوم ليس مجرد مناسبات غنائية، بل شاهدٌ حيّ على اختلال التوازن الاجتماعي في الأردن، وعلى تآكل الطبقة الوسطى التي كانت تمثل صمّام الأمان للمجتمع، لتبقى فجوة واسعة بين من يملك كل شيء ومن لا يملك شيئًا.
إن هذه الحالة نتيجة طبيعية لسياسات حكومية ارتجالية أرهقت المواطن وأضعفت قدرته الشرائية، وسمحت بانقسام المجتمع إلى طبقتين متناقضتين: قلةٌ تملك بلا حدود، وأكثريةٌ تكابد العجز والديون.
لقد حان الوقت لأن يُعاد النظر في الاتجاه العام للسياسات الاقتصادية والاجتماعية، فالمجتمعات لا تُقاس بما يُنفق على الحفلات، بل بما تُقدّمه من عدالة وكرامة لأبنائها.

