صراحة نيوز _كتب الدكتور رجائي حرب
عندما نتحدث عن دولتنا الأردنية التي نفتديها بالمهج والأرواح، نكون قد قرأنا معها خارطة الاقليم كله والعالم بأسره ، وناقشنا كل الأفكار التي تصب في تقويتها، وكيفية جعلها من أفضل الدول،
ونكون قد عرفنا كيف عمل بعض تجار السياسة على تجيير منافعها لجماعاتهم، وكيف أفسدوا المشهد الوطني ونهبوا الخيرات وتجبروا بالخلق، وكيف حرموا العديد من أبناء الوطن من الوظائف والتميز وخدمة الوطن ليبقوا هم الجاثمين على صدورنا
وعندما نقرأ دولتنا الأردنية التي هي أُمُّنا ومصدر حناننا ومنطلق وجودنا أو أي مؤسسة من مؤسساتها، فإننا لا نكتفي بمناقشة الأسباب التي أوصلتنا إلى هذه الأوضاع بل ويغدو من الضروري لنا أن نبحث عن الحلول الناجعة التي تُخرجنا من المأزق التاريخي الذي فُرض علينا، ومن العجز المالي الذي لا يمكن وصفه الا بالمبرمج؛ وظهور الطبقية المقيتة
فقد مررنا في الأردن بظروف دولية وإقليمية صعبة، بدأت بالحرب على الإرهاب وانهيار النظام العراقي. ثم ”الربيع العربي” ثم اللجوء السوري إلى المملكة. وفي الداخل، وكارثة الحرب على غزة التي يندى لها جبين كل الشرفاء والأحرار
وكنا في كل لحظة نشعر بأن كل مأساةٍ في المنطقة ستلقي بظلالها على الاردن، وكل هذا يتطلب منا الكثير – بعد الاخلاص للأرض ولقيمة وجودنا ولمستقبل أبنائنا ولوحدتنا الوطنية – عدم الانجرار وراء العبث الاعلامي الذي تنفثه وسائل التواصل الاجتماعي والاعلام المأجور والذي يصور الاردن وكأنها على حافة الانهيار لا سمح الله؛
وكيف تنهار ونحن جميعنا مستعدون لنضحي بالغالي والنفيس من أجل البقاء بكرامة وشهامة، ما يستدعي القيام بما يلي:
– إحلال الوحدة الوطنيّة كقاسم مشترك للجميع تختفي أمامه كافّة الشرور، والخلافات، والأحقاد، والعنف، والعنصرية، وسيادة أجواء المحبة، والتسامح، والتكاتف، والتآخي، والتعايش بين أبناء الأسرة الأردنية
– أن نعمل على تعزيز معاني الوحدة الوطنية بيننا كأردنيين، وأن نقف جنباً إلى جنب من أجل أن تنمو فينا قوةً كبيرةً تمكننا من تفويت الفرصة على المتربصين بنا وصد أي عدوان خارجي أو داخلي متمرّد أو متطرّف لحماية أنفسنا وأوطاننا من شرور الآخرين
– لا يستطيع أن يقف فردٌ واحدٌ في وجه جماعة، ولكننا كمجموعةٍ بإمكاننا أن تقف أمام مجموعة أخرى والسيطرة عليها من خلال الوحدة.
– تقلّل من نسبة التنافر الاجتماعي والتي تعاني منها مجتمعاتنا، والتي تعود بالضرر وتلحق أذىً كبيراً بالمصلحة العامّة، وذلك من خلال سيادة مفاهيم المحبة والود والتعاون التي تقف في وجه التخريب والجرائم وتتصدى له. وتساهم في النهوض بكافة قطاعات الدولة، فلا مباريات كرة قدم تخلق حزازات بين أبناء الشعب الواحد، ولا تمييز بتقديم الخدمات بين العاصمة ومحافظات الأطراف، ولا تعيينات بالمحسوبيات، ولا توزير بالوراثة وحسب المحافظات بل البقاء للأفضل وبالتالي تمهيد الطريق نحو مستقبل مشرق لكافة فئات المجتمع
– إن المواطنة والتسامح مفاهيم واسعة تحمل في طياتها الكثير من معاني الحب والاحترام المتبادل وسعة الصدر والعفو والصبر وغيرها من المعاني الراقية التي يجب أن تسود بين المواطنين جميعاً بغض النظر عن خلفياتهم الاجتماعية أو الثقافية أو الدينية والعرقية.
– الإقرار بأن الاردن قد حقق خلال السنوات الماضية العديد من الانجازات وثبَّت أركان دولةٍ راسخةٍ لم تهزها كل الاعاصير السياسية التي اعترضتها؛
وبالتالي فالأردنيون مدعوون جميعاً لليقظة والحرص لعدم السماح للصفقات والمؤامرات والتحالفات الزائفة خاصة ونحن على عتبات الانتخابات النيابية والحلول المزيفة وعمليات الابتزاز بالمرور فوق هذا الثرى الطاهر أو على أجسادنا
– إتاحة الفرصة للشباب لقيادة العملية الاصلاحية، سيما وأن دولة الانتاج تركز على أهمية الموارد البشرية
– الدولة القوية المستندة الى القانون هي الضمانة الحقيقة للتنمية والازدهار وأن دولة القانون مهمة كفكرة ومؤسسات نشعر من خلالها عند الاختلاف بالرأي أننا نحتكم جميعاً إلى القانون الذي يسود الجميع لا الذي يكيل بمكيالين
– دولة التكافل الأردنية متجذرة في ديننا وعاداتنا وتقاليدنا وقيمنا الأردنية التي نفتخر بها وعلينا تعزيز هذه الايجابية وتأطيرها بمشاريع عمل تقودنا إلى المستقبل
– التركيز على الجانب الثقافي للشباب وتعزيز الثقافة المعرفية لديهم
– قيام المؤسسات الفكرية والدينية بإطلاق المبادرات التى من شأنها نشر ثقافة الأخوة الوطنية والحوار بين فئات المجتمع بدل عمليات التخوين وضرب الناس بعضها ببعض
– الحد من انتشار الأفكار الانعزالية أو التعصب لفئة أو طائفة أو إقليم أو منطقة وبكل أشكالها، إلى جانب العمل على بناء وطنٍ يسود فيه الوئام والمحبة الإنسانية والوطنية ودون تفرقة
– أهمية إرساء مبادئ الأخوة الوطنية وتفعيل دور العقل والحكمة في التعامل بيننا
– تعزيز مباديء الحوار بين مختلف المكونات المجتمعية داخل الوطن ورفع صوت الوحدة الوطنية في كل المنابر الدينية والتعليمية والتربوية ومؤسسات المجتمع، تعزيزاً للعقد الاجتماعي بين الأردنيين والذي يؤطر الجميع دون استثناء داخل المجتمع.
– نشر ثقافة التآخي والأخوة والمحبة بين المواطنين كوننا جميعاً خُلقنا مفطورين على المحبة بعيداً عن أية اعتبارات.
– مواجهة مختلف أشكال الفتنة الداعية لتحقيق مآرب شخصية ضيقة، عبر تنمية الكبرياء داخل الإنسان حتى يظن أنه أفضل من الآخر فيعمل على إقصائه.
– ضرورة احترام الاختلاف والتنوع والحرية والمواطنة
– خنق مصطلحات الكراهية قبل أن تولد وتنتشر خصوصاً عبر وسائل التواصل الاجتماعي التي أصحبت في غالبها منطلقات للقدح والذم والشائعات
– تنمية أصول العادات والتقاليد والاعراف التي تحث على المحبة والتناغم والسلام واحترم الآخر
– استثمار الفرص الحقيقية لدى ذوي القلوب الصادقة والنوايا الطيبة والإرادة الصالحة للعمل على المناداة بهذا التوجه الصادق لدعم مسيرة الأخوة والوحدة بين أبناء المجتمع الأردني
بهذا التصميم وبهذه الإرادة الحديدية نستمر ويبقى الأردن لأن الشاعر يقول:
إذا الشعب يوماً أراد الحياة
فلا بد أن يستجيب القدر
ولا بد لليل أن ينجلي
ولا بد للقيد أن ينكسر
ونحن في الأردن مصممون على البقاء والاستمرار على هذه الأرض التي تستحق التضحية من أجلها
الاثنين: 9 / 7 / 2024